Speeches and Lessons of Sheikh Abdul Rahim Al-Tahan
خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان
Noocyada
٢- تجتمع شمل الأدلة بهذا القول، ويزال ما بينها من تعارض ظاهري، فبعض من يمتحن يدخل الجنة، وبعضهم يدخل النار، ويظهر معلوم الله الواحد القهار، الذي أحال عليه النبي – ﷺ – بقوله: "الله أعلم بما كانوا عاملين".
٣- ليس في تكليف الممتحنين بإلقاء أنفسهم في نار الجحيم، تكليف بما ليس في وسع المخلوقين، إنما هو تكليف بما فيه مشقة شديدة، وهو كتكليف بني إسرائيل قتل أولادهم وأزواجهم وآبائهم حين عبدوا العجل كما قال الله – جل وعلا –: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ البقرة٥٤.
يضاف إلى هذا أنهم لو امتثلوا ما أمروا به، وأطاعوه فدخلوا النار وألقوا أنفسهم فيها لما ضرهم ذلك، وكانت عليهم بردًا وسلامًا، فليس التكليف بذلك بممتنع ولا بما لا يستطاع.
٤- لا ينقطع التكليف إلا بعد دخول دار القرار، الجنة أو النار، أما في عرصات القيامة فلا ينقطع كما لا ينقطع في البرزخ، ومن أجاب في الدنيا طوعًا واختيارًا أجاب الملكين عما يسألانه في البرزخ، ومن امتنع من الإجابة في الدنيا مُنِع منها في البرزخ وليس تكليفه في البرزخ وهو غير قادر قبيحًا، بل هو مقتضى الحكمة الإلهية، لأنه مكلف وقت القدرة وأبى، فإذا كلف وقت العجز، وقد حيل بينه وبين العقل كان عقوبة له وحسرة، وقد دلت الأحاديث المتقدمة على أن التكليف لا ينقطع إلا بعد دخول الجنة أو النار.
1 / 163