شجاعة وعلما وتقى فأتفق رأيهم على عبد الرحمن لفضله وكونه من حملة العلم ولكون المسلمين أرادوا تقديمه قبل أبي الخطاب وأمتنع لأمانات كانت تحته للناس وودائع ولكونه عامل أبي الخطاب على افريقية وما والاها ولأنه لا قبيلة له تمنعه اذا تغير عن طريق العدل فبايعوه على إقامة كتاب الله وسنة رسوله وإتباع أثر الخلفاء الراشدين فقبلها على ذلك وأقام بأمر الله وزهد الدنيا بعد أن تمكن منها فلم ينقم أحد عليه في خصومة ولا حكومة ولا أخذ مال ولا إقامة حد ولا ميل إلى الدنيا.
فلما أشتهر عدله وأتصلت أخباره بذلك وتواترت أخباره بالمشرق والمغرب بعث له أهل البصرة بثلاثة أحمال مال فلما بلغت الرسل إلى تيهرت الفوا الإمام فوق دار يطينها والعبيد يناولونه الطين فسألوا العبيد عن أن يستأذنوا لهم على الإمام وقد سمع قولهم وما طلبوا فنزل وغسل الطين فأذن لهم فدخلوا فسلموا ورد عليهم وفتت لهم خبزا وعصر عليه عكة فلما أكلوا خلصوا نجيا قال أبو زكريا: وأجتمع رأيهم على أنهم رضوا عنه وأتفقوا على أن يدفعوا له المال فلما أتوه بالمال نادى الصلاة جامعة فلما صلوا شاروا أخيار المسلمين وذوي الرأي والفقه منهم فأشاروا عليه أن يفرقه في ذوي الحاجات ففعل وذلك بمحضر الرسل فلما رجعوا أخبروا بما رأوا وشاهدوا من عدله أرسلوا له بما يقرب من عشرة أحمال أو أزيد بقليل فلما وصلوا إلى تيهرت وجدوا البلد قد تغير عما تركوه عليه
Bogga 140