ومن يومها يا فيدو لم تنس شيئا.
لم تنس أن تذهب كل يوم - والشقة بعيدة - إلى محطة الأتوبيس.
أن تنتظر صاحبك كل يوم، كل ليلة.
في الليالي الباردة في الشتاء، والليالي المقمرة في الصيف؛ أربعة عشر عاما!
لم تنس الوجه الذي يطل عليك من وراء الزجاج؛ الوجه الضامر النحيل.
ولا اليد التي تمسح على رأسك كأن أصابعها من خشب، ولا الصوت الذي يهتف: فيدو! تعال! أنا هنا!
لأنك - يا فيدو - لا تعرف النسيان!
ولكنك لا تعرف ماذا حدث. منذ أربعة عشر عاما وأنت لا تعرف ماذا حدث؛ حدث شيء اسمه الحرب يا فيدو. ألا تدري ما هي الحرب؟ وحش هائل فتح فمه وابتلع الملايين، بين شباب وامرأة وشيخ وطفل. شرب بحرا من الدم والدموع. مشى على المدينة فصارت كومة من الحجارة والأشلاء. حفر هاوية عميقة؛ عميقة من الموت والجوع والشقاء. رقص عليها ورقصت معه أشباح الملايين، بين شيخ وامرأة وطفل وشاب.
وكان صاحبك بينهم يا فيدو.
صاحبك «كارلو سورياني» العامل في المصنع الكبير، في مدينة اسمها البندقية.
Bog aan la aqoon