Taariikhdii Boqorradii Tabaacinada
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Noocyada
هو كما لو أنه متحد بالماء ذاته، باحثا عنه، مسخرا كل ما توصل إليه من مصادر قوة، لإعادة تملكه. - الماء.
فما كان من مكان نزل فيه، إلا وبحث عن مصادر مائه ومصدر حياته، وإذا لم تتواجد «نجدها بسواعدنا قبل أي شيء»، كما كان يحلو له القول.
وها هو «يمن» ذو اليزن السعيد، ينعم بسدوده ومشاريعه التي فجرته - أي اليمن - بالعطاء، جبلا وسهلا.
بل وها هي «يثرب» التي أرسى الملك بنفسه معالمها تبدو، كمثل عروس، عامرة زاخرة بكل ما تشتهيه الأنفس وتستعذبه. - يثرب، مدينة النور المنتظر.
وبدا الوزير الأول منتشيا وهو يرقبها - أي المدينة - من مقره المشرف على أعلى روابيها، كمن لا يطيق فراق حبيبه!
كان الملك التبع ذو اليزن قد عقد العزم على الرحيل، وكانت قد سمعت طبول الرجروج بإيقاعات لها رتابتها المتكاسلة، تنم عن قرب حدوث الفراق، مخالفة بذلك إيقاعها المعتاد كالهدير لدى الإعلان عن الحروب والغزوات.
وذلك بعدما طال مكوث الملك ذو اليزن وجيشه طويلا في ربوع تلك البلاد ووهادها، مما ساعد على نمو الروابط والعلاقات بين أبناء الجزيرة شمالا وجنوبا.
وهي روابط وعلاقات متشعبة المسالك والأغراض والمنافع، ما بين صداقات ومصاهرات وقصص حب، ومصالح تجارية وعمرانية نمت وأثمرت مع بزوغ مدينة يثرب واتساع عمرانها وحوانيتها يوما بعد يوم.
بل لقد وصل الحماس من قبل القبائل والعشائر العربية الشمالية في نجد والطائف وينبع وعسيران، إلى حد دفع بشبابهم إلى التطوع والالتحاق بفيالق جيش التبع ذو اليزن، الذي حل عليهم ونزل حليفا أكثر منه غازيا أو طامعا في بلدانهم.
وهو ما لم يعتادوه مع من سبقوه من جدود وأسلاف - تباعنة - حسان بن أسعد، وتلك النكبات التي لن تغيب يوما، والتي أحدثها حسان على طول بلدانهم ومضاربهم، وكما حدث مع قوم «زرقاء اليمامة» وإفناء قبائل جديس، وتهديم مدينتهم اليمامة إلى حد لم يسبق له مثيل.
Bog aan la aqoon