186

Sirajka Ifaya

السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير

Noocyada

• (أن الدين يسر) أي دين الإسلام ذو يسر أو سمى الدين يسرا مبالغة بالنسبة إلى الأديان قبله لأن الله تعالى رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم ومن أوضح الأمثلة له أن توبتهم كانت بقتل أنفسهم وتوبة هذه الأمة بالإقلاع والعزم على عدم العود والندم (ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه) المشادة المغالبة قال العلقمي والمعنى لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيغلب قال ابن المنير في هذا الحديث علم من أعلام النبرة فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع انتهى قال في الفتح وليس المراد منع طلب إلا كمل في العبادة فإنه من الأمور المحمودة بل منع الإفراط المؤدي إلى الملال والمبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الفضل أو إخراج الفرض عن وقته كمن بات يصلي الليل ويغالب النوم إلى أن غلبته عيناه في آخر الليل فنام عن صلاة الصبح أي عن وقت الفضيلة أو إلى أن خرج الوقت المختار أو إلى أن طلعت الشمس فخرج وقت الفريضة وفي حديث محجن بن الأدرع عند أحمد أنكم لن تنالوا هذا الأمر بالمبالغة وخير دينكم أيسر وقد يستفاد من هذا الإشارة إلى الأخذ بالرخصة الشرعية فإن الأخذ بالعزيمة في موضع الرخصة تنطع كمن يترك التيمم عند العجز عن استعمال الماء فيفضي به استعمال الماء إلى حصول الضرر وليس في الدين على هذه الرواية إلا النصب وفي رواية ولن يشاد الدين إلا غلبه بإضمار الفاعل للعلم به وحكى صاحب المطالع أن أكثر الروايات برفع الدين على أن يشاد مبني لما لم يسم فاعله وعارضه النووي بأن أكثر الروايات بالنصب قال ابن حجر ويجمع بين كلا منهما بالنسبة إلى روايات المشارقة والمغاربة انتهى وقال الطيبي بناء المفاعلة في يشاد ليس للمغالبة بل للمبالغة نحو طارقت النعل وهو من جانب المكلف ويحتمل أن يكون للمغالبة على سبيل الاستعارة (فسددوا) أي ألزموا السداد وهو الصواب من غير إفراط ولا تفريط قال أهل اللغة السداد التوسط في العمل (وقاربوا) أي إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل فاعملوا بما يقرب منه (وأبشروا) أي بالثواب على العمل المستمر وإن قل والمراد تبشير من عجز عن العمل بالأكمل فإن العجز إذا لم يكن من صنعه لا يستلزم نقص أجره وأيهم المبشر به تعظيما له وتفخيما (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة) أي استعينوا على مداومة العبادة بإيقاعها في الأوقات المنشطة والغدوة بالفتح سير أول النهار وقال الجوهري ما بين صلاة الغداة إلى طلوع الشمس والروحة بالفتح السير بعد الزوال والدلجة بضم أوله # وفتحه وإسكان اللام سير آخر النهار وقيل سير الليل كله ولهذا عبر فيه بالتبعيض ولأن عمل الليل أشق من عمل النهار فهذه الأوقات أطيب أوقات المسافر فكأنه صلى الله عليه وسلم خاطب مسافر إلى مقصد فنبهه على أوقات نشاطه لأن المسافر إذا سافر الليل والنهار جميعا انقطع وعجز وإذا تحرى السير في هذه الأوقات المنشطة أمكنه المداومة من غير مشقة وحسن هذه الاستعارة أن الدنيا في الحقيقة دار نقلة إلى الآخرة ولأن هذه الأوقات بخصوصها أروح ما يكون فيها البدن للعبادة قال المناوي والحديث معدود من جوامع الكلم (خ ن) عن أبي هريرة

• (أن الذكر في سبيل الله أي حال قتال الكفار (يضعف) بشدة العين المهملة فوق (النفقة سبعمائة ضعف) أي أجر ذكر الله في الجهاد يعدل ثواب النفقة فيه ويزيد بسبعمائة ضعف والظاهر أن المراد به التكثير لا التحديد (حم طب) عن معاذ بن أنس الجهني

• (أن الرجل يعني الإنسان

• (ليعمل عمل أهل الجنة) يعني من الطاعات الاعتقادية والقولية والفعلية (فيما يبدو للناس) أي يظهر لهم قال العلقمي قال شيخ شيوخنا هو محمول على المنافق والمراءي (وهو من أهل النار) أي بسبب أمر باطني لا يطلع الناس عليه (وأن الرجل) أي الإنسان (ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس) أي يظهر لهم (وهو من أهل الجنة) أي لخصلة خير خفية تغلب عليه فتوجب حسن الخاتمة وسبب عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا فلما مال أي رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم بعد فراغ القتال في ذلك اليوم وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه وشاذة وفاذة بتشديد المعجمة ما انفرد عن الجماعة وهما صفة لمحذوف أي نسمة شاذة ولا فاذة فقال أي بعض القوم ما أجزأ اليوم أحدكما أجزأ فلان أي ما أغنى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنه من أهل النار فقال رجل أنا أصاحبه قال فخرج معه كلما وقف وقف معه وإذا أسرع أسرع معه قال فجرح الرجل جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذؤابته بين ثدييه ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه فخرج الرجل الذي تبعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أشهد أنك رسول الله قال وما ذاك قال الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار فأعظم الناس ذلك فقلت أنا لكم به فخرجت في طلبه ثم جرح جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه في الأرض وذؤابته بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرجل فذكره وقد استشكل ما ذكر من كون الرجل من أهل النار بأنه لم يتبين منه إلا قتل نفسه وهو بذلك عاص لا كافر وأجيب بأنه يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على كفره في الباطن أو أنه استحل قتل نفسه (ق) عن سهل بن سعد الساعدي زاد البخاري أي في روايته على مسلم (وإنما الأعمال بخواتيمها) يعني أن العمل # السابق غير معتبر وإنما المعتبر الذي ختم به

Bogga 25