Shuuciyada iyo Bani'aadannimada ee Shareecada Islaamka
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
Noocyada
ومن عجز الشعور - لا من عجز الخيال وحسب - أن يسوي الماركسيون بين الفرائض العامة التي يدين بها المرء في حياته الاجتماعية، ولا مساواة بينها في الحس ولا في الفكر ولا فيما يقصده من معناها.
من عجز الشعور أن يسوي الماركسيون بين فرائض العرف والعادة وفرائض القانون وفرائض الأخلاق وفرائض الدين، وما من فريضة من هذه الفرائض تقع في النفس موقع الفرائض الأخرى، أو تنبعث في أعماق الضمير من حيث تنبعث الأخرى.
من عجز الشعور أن يقال: إن هذه الفرائض المتعددة تصدر من أسباب اجتماعية أو نفسية واحدة، إذ لا معنى لتكرار هذه الفرائض في كل أمة لتقوم بغرض واحد وتخرج من مصدر واحد، ولو حدث هذا اتفاقا في بيئة واحدة لأمكنت نسبته إلى المصادفات أو الفلتات التي لا يقاس عليها، ولكن فرائض العرف وفرائض القانون وفرائض الأخلاق وفرائض الدين تتكرر في كل بيئة ولا تغني إحداها عن سائرها.
فالإنسان يتبع العادة اتباعا آليا يكاد يخرج من عداد الأعمال الإرادية، ويقال عن العمل: إنه جرى بحكم العادة ليقال: إنه غير مقصود، وإنه لم يصدر عن روية وتقدير. ويصح أن ترجع العادات في جملتها إلى التقليد المرعي في البيئة الاجتماعية المحدودة، وإن ضاق نطاقها كما يلاحظ في العادات، التي تختلف بين إقليم وإقليم وبين قرية وقرية.
وفرائض القانون يتبعها الإنسان بمشيئته، ويروغ منها أحيانا إذا استطاع؛ لأنها تفرض عليه برأي «السلطة» ولا يؤمن بصحتها أو إنصافها في جميع الأحوال.
وفرائض الأخلاق يتبعها الإنسان ويخجل من مخالفتها؛ لأنها في الغالب منوطة بكرامته الإنسانية التي تعم كثيرا من الأمم والبيئات، ولا يحس أنها صادرة من السلطة أو أنها مقيدة بعشيرة واحدة، ولا نحسبها كانت على غير هذه الصفة حتى في الأزمنة الأولى، التي كان وازع الأخلاق فيها مقصورا على عشيرة واحدة غير ملزم لأبنائها في معاملتهم للعشائر الأخرى. فهذه العشائر الأولى أيضا كانت تؤمن بأن الأخلاق من كرامة الإنسانية، ولكنها كانت ترى أن الإنسانية المثلى صفة من صفاتها دون سواها، وأن العشائر الأخرى لا تستحق رعاية الأخلاق؛ لأنها لا تستحق كرامة الإنسان.
هذه الفرائض يمكن أن يقال: إنها من وحي البيئة المحدودة أو أنها من وحي الأمة والدولة أو أنها من وحي الإنسانية في بيئاتها المختلفة، وكل هذا لا يمكن أن يقال عن الدين، فيحبط به ويستغرقه، ويفسر جميع بواعثه وأسراره في المجتمع أو في الضمير.
إنما يفسره بعض التفسير أنه يقوم على علاقة الإنسان بالكون كله لا بالنوع الإنساني ولا بالأمة أو البيئة الخاصة، وأنه يلتمسه لأنه يلتمس معنى حياته ومعنى الوجود الظاهر له والمغيب عن حسه وعقله، وقد يناقض الاعتقاد الديني في بعض الملل غريزة البقاء في نوع الإنسان، وقد يثير المتدين على قومه وعلى عشيرته الأقربين، وقد يوقع في روعه أن الخلاص في الخروج على وحي العرف المحدود، ووحي القانون، ووحي الأخلاق، المصطلح عليها.
ومن الجهل بطبيعة الشعور الإنساني أن يقع في الظن أن صاحب الثروة يستغني عن هذا الشعور الديني، ويستغني عن فهم معنى حياته ومعنى الوجود المحيط به ولا يحتاج إلى الدين إلا ليضلل به المحرومين ويستعين به على الكسب والاستغلال.
وأجهل من ذلك أن يقال: إن الإنسان يتدين؛ لأنه ضعيف بين نواميس الكون وقوى الوجود، فهذا كلام من قبيل تحصيل الحاصل لأنه يمنع تفسير الدين على وضع من الأوضاع، فلن يكون الإنسان على حال من الأحوال إلا ضعيفا بين نواميس الكون وقوى الوجود. فكيف ندرك الحقيقة إذن في حقيقة الدين؟ هل نرجعها إلى اليوم الذي تنقلب فيه الآية، فيصبح الكون أضعف من الإنسان، أو يصبح الكون مهملا في نظره لا ينطوي على سر من الأسرار.
Bog aan la aqoon