إن المذاهب فى ذات النفس وفى أفعالها مختلفة، فمنها قول من زعم أن النفس ذات واحدة وأنها تفعل جميع الأفعال بنفسها باختلاف الآلات، ومن هؤلآء من زعم أن النفس عالمة بذاتها تعلم كل شىء وإنما تستعمل الحواس والآلات المقربة للمدركات منها بسبب أن تتنبه به لما فى ذاتها، ومنهم من قال إن ذلك على سبيل التذكر لها فكأنها عرض لها عنده أن نسيت، ومن الفرقة الأولى من قال إن النفس ليست واحدة بل عدة وإن النفس التى فى بدن واحد هى مجموع نفوس، نفس حساسة دراكة ونفس غضبية ونفس شهوانية، فمن هؤلاء من جعل النفس الشهوانية هى النفس الغذائية، وجعل موضعها القلب، وجعل لها شهوة الغذاء والتوليد جميعا، ومنهم من جعل التوليد لقوة من هذا الجزء من أجزاء النفس فائضة إلى الأنثيين فى الذكر والأنثى، ومنهم من جعل النفس ذاتا واحدة، وتفيض عنها هذه القوى، وتختص كل قوة بفعل، وأنها إنما تفعل ما تفعل من الأمور المذكورة بتوسط هذه القوى،
Bogga 251