وقد جرت العادة بأن يسمى مدرك الحس صورة ومدرك الوهم معنى، ولكل واحد منهما خزانة، فخزانة مدرك الحس هى القوة الخيالية، وموضعها مقدم الدماع، ولذلك إذا حدثت هناك آفة فسد هذا الباب من التصور إما بأن تتخيل صورا ليست أو يصعب استثبات الموجود فيها، وخزانة مدرك الوهم هى القوة التى تسمى الحافظة، ومعدنها مؤخر الدماع ولذلك إذا وقع هناك آفة وقع الفساد فيما يختص بحفظ هذه المعانى، وهذه القوة تسمى أيضا متذكرة، فتكون حافظة لصيانتها ما فيها ومتذكرة لسرعة استعدادها لاستثباته والتصور به مستعيدة إياه إذا فقد، وذلك إذا أقبل الوهم بقوته المتخيلة فجعل يعرض واحدا واحدا من الصور الموجودة فى الخيال ليكون كأنه يشاهد الأمور التى هذه صورها، فإذا عرض له الصورة التى أدرك معها المعنى الذى بطل لاح له المعنى حينئذ كما لاح من خارج واستثبتته القوة الحافظة فى نفسها كما كانت حينئذ تستثبت، فكان ذكر، وربما كان المصير من المعنى إلى الصورة، فيكون المتذكر المطلوب ليس له نسبة إلى ما فى خزانة الحفظ بل نسبة إلى ما فى خزانة الخيال، فكان إعادته إما فى وجه العود إلى هذه المعانى التى فى الحفظ حتى يضطر المعنى إلى لوح الصورة فتعود النسبة إلى ما فى الخيال ثانيا، وإما بالرجوع إلى الحس، مثال الأول أنك إذا نسيت نسبة إلى صورة وكنت عرفت تلك النسبة تأملت الفعل الذى كان يقصد منها، فلما عرفت الفعل ووجدته وعرفت أنه أى طعم ولون وشكل يصلح له فاستثبت النسبة به وألفت ذلك وحصلته نسبة إلى صورة فى الخيال وأعدت النسبة فى الذكر، فإن خزانة الفعل هو الحفظ لأنه من المعنى، فإن كان أشكل ذلك عليك من هذه الجهة أيضا ولم يتضح فأورد عليك الحس صورة الشىء عادت مستقرة فى الخيال وعادت النسبة إليه مستقرة فى التى تحفظ،
Bogga 168