وإذا قدمنا هذه المقدمات فنقول: إن الطبيعة المائية محفوظة فى الممتزج .وأما الكيفيات فهى منتقصة، لا باطلة بطلانا تاما. فهذا القدر هو القدر من الاستحالة التى يوجبها المزاج، فتكون الكمالات التى تكون لكل نوع من العناصر معدومة بالفعل موجودة بالقوة القريبة، كقول النار على الضوء، لا قوة الماء على الضوء. فلا تكون العناصر موجودة بحالها مطلقا، محفوظة على ما هى عليه، ولا فاسدة كلها، ولا فاسدة بعضها. فيكون كل اسطقس من جهة نوعه، أنه ماء مثلا جسما طبيعيا بصفة؛ ومن جهة كماله الثانى، أنه مثلا بارد بالفعل، ركنا من أركان العالم كاملا؛ ومن جهة أنه انكسر بالمزاج اسطقسا فى المركب. وكلما كانت الأجزاء أشد تصغرا كان أقرب إلى المزاج؛ لأن كل واحد يكون أذعن للانفعال عما يكفيه، ويكون كل واحد أوصل فى التأثير إلى كل واحد. فلذلك ما كانت الرطوبة أسهل امتزاجا إذا لم تكن لزجة. فإن اللزجة أعسر انفصالا وانقساما. وأما الكبير مع الكبير فمما يعسر وقوع الانفعال بينهما لضد ما قلناه فى الصغير. والكبير مع الصغير يفسد الصغير، ولا يختلط به. وربما كان الصغير يؤثر فى الكبير من غير أن يكون له قدر محسوس، حتى يقال إنه قد اختلط به، كما يفعله أصحاب دعوى الأكسير. فإنهم يبيضون نحاسا كثيرا برصاص مكلس يسير، وبزرنيخ مصعد يسير، فيكون كأنه يفعل فيه بلا زمان ويختلط به.
Bogga 132