وإن كانت الأرض قد انتفضت أرضيتها حتى صارت أرضا ناقصة، وكانت الأرضية تقبل الأشد والأضعف، فإنما تنتقص أرضيتها لا محالة، بدخول طبيعة أخرى، لولا دخولها كانت تلك الطبيعة خالصة. والآن إنما دخل شطر منها، فتكون مع أنها أرض ناقصة، شيئا آخر كنار أو ماء مثلا ناقصا، فيكون شىء واحد نارا أو أرضا معا ناقصتين. ويكون بالقياس إلى النار الصرفة أرضا، وبالقياس إلى الأرض الصرفة نارا، وهذا محال. فإن النار فى عرض ناريتها ليست أرضا ألبتة البتة ، والأرض فى عرض أرضيتها أرض ليست نارا ألبتة البتة .
على أنهم يعترفون أن هذا الانكسار ليس إلا فى الحر والبرد والرطوبة واليبوسة. وأنت تعلم أن الماء لا تزول مائيته بأن يسخن شديدا، ويغلى فضلا عن أن يفتر ، فيكون التغير الذى يعرض، إنما هو فى الكمال الثانى للماء، لا الكمال الأول الذى هو به ماء. فإذا كانت هذه الاستحالة لا تبطل طبيعة النوع فليست هذه هى الاستحالة التى فى الجوهر. فهى لا محالة فى كيف جوهر غير محفوظ فى أنه مكيف.
وأما المعلم الأول فقال إن قواها لا تبطل، وعنى بها صورها وطبائعها التى هى مبادئ لهذه الكمالات الثانية التى، إذا زال العائق، صدرت عنها الأفعال التى لها.
فحسب هؤلاء أنه يعنى القوى الاستعدادية، ولو أن الهيولى الأول كان يجوز أن تبقى مجردة لكانت قوى الاسطقسات الاستعدادية، التى بها يقال للشىء إنه بالقوة نار أو أرض أو غير ذلك، لا تبطل، فضلا عن المزاج الذى يصرح أنه ليس فيه فساد. فما تكون الفائدة فى هذا الكلام؟.
Bogga 129