والبحر أيضا قد تكون فى مواضع منه مياه عذبة، وقد تمده مياه عذبة، إلا أنها ألطف من ماء البحر المجتمع فيه قديما، فيسبق إليه التحلل. فإن اللطيف يسبق إليه، وخصوصا فى حال الانتشار، يعين على ذلك، كما لو بسط الماء على البر. وإذا كان كذلك صار العذب يتحلل بخارا ويصير سحبا وغير ذلك، والمالح الكثيف يبقى.
وقد يتفق أن يصعد منه بخار، إلا أنه لكثافته لا يجاوز البحر؛ بل ينزل عن قريب مطرا مالحا. وهذا فى النوادر ويطيب بمخالطة الهواء.
فمن المعلوم أن الملح إذا طبخ فى الماء، فيصعد بخار الماء، وكان الملح لطيفا، يصعد معه أيضا.
فالبحر بالحقيقة كما قيل من أنه يعطى الصفو لغيره، ويحبس الكدر لنفسه، مع أنه يأخذ الصفو أيضا.
والبحر لملوحة مائيته، وكثرة أرضيته أثقل من المياه الأخرى وزنا. ولذلك فقل ما يرسب فيه البيض. وأما بحيرة فلسطين فلا يرسب فيها شىء، حتى الحيوان المكتوف. ولا يتولد فيها الحيوان، ولا يعيش. وههنا نهر عذب أيضا لا يتولد فيه حيوان لبرده من منبعه إلى مصبه.
على أن فى البحر مواضع يعذبها ما ينبع إليها من عيون تحتها.
Bogga 207