على أن لا نشك أن فى الأرض أغوارا مملوءة، إلا أنها لا تبلغ فى الكثرة مقادير البحار؛ ولا الأرض يكثر فيها التجويفات كثرة يكون لها تأثير بالقياس إلى كلية الأرض، كما ليس للجبال تأثير فى كريتها.
والهواء أيضا فهو طبقات: طبقة بخارية، وطبقة هواء صرف، وطبقة دخانية. وذلك لأن البخار، وإن صعد فى الهواء صعودا، فإنه إنما يصعد إلى حد ما. وأما الدخان فيجاوزه ويعلوه؛ لأنه أخف حركة وأقوى نفوذا لشدة الحرارة فيه. وأعنى بالبخار ما يتصعد من الرطب، من حيث هو رطب، وأعنى بالدخان ما يتصعد عن اليابس من حيث هو يابس. ولأن البخار، بالحقيقة، على ما بيناه، ماء متخلخل متصغر الأجزاء، وطبيعة الماء أن يبرد بذاته، ومن صورته، إذا زال عنه المسخن وبعد عهده به، فيجب أن يكون الجزء البخارى من الهواء باردا بالقياس إلى سائر الهواء. لكن ما يلى الأرض منه يسخن بمجاورة الأرض المسخنة بشعاع الشمس المستقر عليها استقرار الكيفيات لا الأجسام. وما يبعد عنه يبرد. فتكون طبقة الهواء السافلة بخارا يسخن بمجاورة الشعاع، ثم تليه طبقة بخارية باردة، ثم يليه هواء أقرب إلى المحوضة، ثم يليه هواء دخانى، وكأنه خلط من هواء ونار وأرض، ثم تليه نار، فتكون هذه الصفات ثمانية:
أرض إلى الخلوص ماء وطين، وبر مع الجبال، والبحر كطبقة واحدة مركبة، وهواء مسخن بالشعاع، وهواء بارد، وهواء أقرب إلى المحوضة، وهواء دخانى نارى ونار.
فهذه طبقات العناصر فى ترتيبها ووضعها.
Bogga 204