نعم الله على الإنسان
قال الله: ﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ﴾ [البلد:٥] يا مسكين! يا ضعيف! أتحسب أن الله ﷿ ليس بقادر على أن يعيدك كما بدأك؟ ﴿يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا﴾ [البلد:٦].
قال مقاتل بن سليمان: نزلت هذه الآية في الحارث بن نوفل أذنب ذنبًا، فاستفتى رسول الله ﷺ فأمره بالكفارة، فماذا قال؟ قال: لقد أهلكت مالي في الكفارات والنفقات منذ دخلت في دين محمد، لقد أهلكت مالًا لبدًا أي: كثيرًا.
﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ﴾ [البلد:٧]، وهذه دعوى يطلقها كثير من الناس يقول: أنا أنفقت وأنا فعلت، والله ﷿ هو العالم ﷻ، ﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ﴾ [البلد:٥].
ثم بدأ ربنا ﷻ يعدد النعم التي ما طلب فيها ثمنًا: ﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ﴾ [البلد:٨] هاتان العينيان هل طلب منك عنهما مالًا؟ ﴿وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ﴾ [البلد:٩]، تصوروا لو أن الله ﷿ ما خلق لنا هاتين الشفتين كيف يكون منظر أحدنا؟ بل جعل الله هاتين الشفتين في خدمة الإنسان؛ فمتى شئت أطبقتهما، ومتى شئت فتحتهما.
ثم النعمة الأكبر: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد:١٠] ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ [الإنسان:٣]، فبين لك طريق الخير وطريق الشر.
18 / 32