204

Sheikh Abdul Hay Yusuf's Lessons

دروس الشيخ عبد الحي يوسف

Noocyada

شقاء من آثر الدنيا على الآخرة قال الله: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [الأعلى:١٦] وهذه هي عادة بني آدم في الأعم الأغلب، ﴿كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ﴾ [القيامة:٢٠ - ٢١]، قال رسول الله ﷺ: (الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ويجمع لها من لا عقل له). وقال علي بن أبي طالب: (الدنيا عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر، والآخرة وعد صادق يحكم فيه ملك عادل يحق الحق ويبطل الباطل، فكونوا أبناء الآخرة ولا تكونوا أبناء الدنيا، فإن كل أم يتبعها ولدها)، بل حالكم أنكم تؤثرون الحياة الدنيا، تؤثرون العاجلة، كما قال بعض الفساق: لا أبيع نقدًا بنسيئة، يعني بالنقد: الدنيا، وبالنسيئة: الآخرة، أنا لا أبيع الدنيا من أجل الآخرة. قال الحسن البصري ﵀: لو كانت الدنيا ذهبًا يفنى، والآخرة خزفًا يبقى، لوجب على العاقل أن يؤثر الباقي على الفاني، فكيف والدنيا خزف يفنى، والآخرة ذهب يبقى؟! بالله عليكم! لو أن إنسانًا يبني بيتًا ويجمله فهل يبقى على جماله؟ بل إنه يصير بعد سنة وسنتان وثلاث وعشر باليًا خربًا، لكن الآخرة ذهب يبقى، وأهل الجنة -نسأل الله أن يجعلنا منهم- لا يفنى شبابهم، ولا تبلى ثيابهم، لا يبصقون، ولا يمرضون، ولا يمتخطون، ولا يبولون، ولا يتغوطون، في نعيم الأبد هذا حالهم. ﴿وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [الأعلى:١٧] وأفعل التفضيل هنا ليس على بابه، كقول الله ﷿: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ [الفرقان:٢٤] إذ لا مقارنة بين مقيل أهل الجنة وأهل النار لأجل أن يقال: أحسن، فأفعل التفضيل ليس على بابه.

18 / 9