Sharh Talwih
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Noocyada
أما الأول؛ فلأن الدلائل المذكورة على كون الأمر للإيجاب إنما تدل على أن الأمر بمعنى عذاب أليم} و{أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} {ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك} {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون}، وهذا حقيقة لا مجاز عن سرعة الإيجاد فيكون الوجود مرادا بهذا الأمر فكذا في كل أمر من الله تعالى ; لأن معناه كن
أن الأمر للإيجاب لا تدل على أن الفعل للإيجاب. "واللفظ كاف" أي الأمر القولي كاف "للمقصود، وهو الإيجاب، والترادف خلاف الأصل، وإيجاب فعله عليه السلام استفيد من قوله عليه السلام صلوا على أنه أنكر على الأصحاب صوم الوصال، وخلع النعال مع أنه فعل،
...................................................................... ..........................
القول المخصوص للإيجاب، ولا تدل على أن الأمر بمعنى فعل النبي صلى الله عليه وسلم للإيجاب على ما سيأتي بيانه، واستدلال المصنف على أن الفعل غير مراد بأن القول مراد إجماعا فلا يراد الفعل؛ لأن المشترك لا عموم له، ولما كان مذهب الخصم عموم المشترك أعرض عن الاستدلال إلى المنع؛ لأن الخصم هو الذي يستدل على كون الأمر للإيجاب قولا كان أو فعلا فيكفينا أن نقول: لا نسلم أن الأمر بمعنى الفعل مراد من الأدلة الدالة على كون الأمر للوجوب أما في غير قوله تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره} [النور:63] فظاهر على ما ستعرفه، وأما في هذه الآية فلتوقفه على عموم المشترك، وهو ممنوع.
وأما الثاني، وهو إبطال كون الفعل موجبا فلأن تعدد الدال مع اتحاد المدلول خلاف الأصل لحصول المقصود بواحد اتفاقا، وهاهنا اللفظ موضوع للإيجاب اتفاقا فالقول بكون الفعل أيضا للإيجاب مصير إلى ما هو خلاف الأصل فلا يرتكب إلا بدليل كما في تعدد المدلول مع اتحاد الدال أعني الاشتراك، وإطلاق الترادف على توافق القول والفعل في الدلالة على الإيجاب خلاف الاصطلاح؛ لأنه إنما يطلق على توافق اللفظين لكن المقصود واضح، وقد يقال: إن الموضوع للمعاني إنما هي العبارات لا غير، وهي وافية بالمقاصد بل زائدة عليها فيكون الدال على الإيجاب هو القول لا الفعل، وأيضا المقصود بالأمر من أعظم المقاصد لكونه مبنى الأحكام، ومناط الثواب والعقاب فيجب أن يختص بالصيغة، ولا يحصل بغيرها كمقاصد الماضي والحال والاستقبال لا تحصل إلا بصيغها، وكلاهما ضعيف؛ لأن انحصار الموضوع في اللفظ، وفاء بالمقاصد في حيز المنع، وعلى تقدير التسليم لا ينافي كون الفعل للإيجاب؛ لأن القائلين به لا يدعون كونه موضوعا لذلك بل يدعون أنه يجب علينا اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في أفعاله التي ليست بسهو، ولا طبع، ولا مختصة به للدلائل الدالة على ذلك، وعظم المقصود لا يقتضي اتحاد الدال عليه بل تعدده لشدة الاهتمام، وكثرة الاحتياج إليه، ولهذا كثرت الألفاظ المترادفة فيما لهم به اهتمام.
وأما الثالث، وهو إبطال احتجاجهم على الفرع فلأن كون فعله موجبا مستفادا من قوله عليه السلام: "صلوا كما رأيتموني أصلي" 1، وهو صيغة الأمر لا من نفس الفعل، وإلا لما احتيج إلى هذا الأمر بعد قوله تعالى: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول} [المائدة:92]، وفي عبارة المصنف
1 المصدر السابق.
Bogga 286