Sharh Riyadh as-Salihin
شرح رياض الصالحين
Noocyada
Culuumta Xadiiska
عتاب الله لنبيه عندما أعرض عن ابن أم مكتوم
يذكر المصنف قول الله ﷾ لنبيه صلوات الله وسلامه عليه: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [الكهف:٢٨].
هنا الخطاب للنبي صلوات الله وسلامه عليه، يربيه ربه بالقرآن، فيؤدبه ويهذبه صلوات الله وسلامه عليه، فينفذ ما يقول له ربه ﵊، ولعله يكاد يفعل شيئًا ثم ينزل القرآن لينبهه فيرجع عنه، ولعله يفعل ويرى أن المصلحة في هذا الشيء ثم ينزل القرآن ويلومه ويعاتبه صلوات الله وسلامه عليه، لماذا فعلت هذا الشيء؟ لعلنا نذكر قصة الأعمى عبد الله بن أم مكتوم الذي جاء يتعلم من النبي ﷺ في وقت كان النبي ﷺ فيه مشغولًا بدعوة أناس من كبار الكفار ليدخلوا في دين الله ﷿، فألح على النبي ﷺ في شيء ليعلمه إياه، فكأنه غضب ﷺ منه، وأن هذا ليس وقته، فهؤلاء لو دخلوا في الإسلام سيكون في الإسلام عزة، فعبس النبي ﷺ في وجهه، فنزل القرآن يلومه ﷺ، لماذا تعبس؟ لماذا تقطب جبينك لهذا الإنسان؟ لاحظ أنه عبس لإنسان أعمى لا مبصر، فالمبصر سيراه أنه عبس، ولكن هذا كان أعمى ومع ذلك فإن القرآن يلومه على ذلك، ويقول له: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى﴾ [عبس:١ - ٤].
فهنا يعاتب النبي ﷺ في شيء لو عمله غيره لما عوتب عليه، ولكن ربنا قال له: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم:٤]، وصاحب الخلق العظيم لابد أن يتربى ويتأدب على أعلى وأعظم ما يكون، فالذي لغيره مباح هو في حقه ﷺ ممنوع؛ لأنه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، فربه يؤدبه بأعلى ما يكون من مكارم الأخلاق صلوات الله وسلامه عليه.
9 / 3