Sharh Riyadh as-Salihin
شرح رياض الصالحين
Noocyada
Culuumta Xadiiska
أمر الله لنبيه بالصبر مع ضعفة المسلمين
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الإمام النووي ﵀: [باب فضل ضعفة المسلمين والفقراء والخاملين: قال الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾ [الكهف:٢٨].
وعن حارثة بن وهب ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره.
ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر) متفق عليه.
وعن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي ﵁ قال: (مر رجل على النبي ﷺ فقال لرجل عنده جالس: ما رأيك في هذا؟ فقال: رجل من أشراف الناس، هذا والله حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع.
فسكت رسول الله ﷺ، ثم مر رجل آخر، فقال له رسول الله ﷺ: ما رأيك في هذا؟ فقال: يا رسول الله! هذا رجل من فقراء المسلمين، هذا حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال ألا يسمع لقوله.
فقال رسول الله ﷺ: هذا خير من ملء الأرض مثل هذا) متفق عليه.
باب آخر من كتاب رياض الصالحين يذكر فيه الإمام النووي ﵀ فضل ضعفة المسلمين والفقراء والخاملين.
خلق الله ﷿ الإنسان على هيئة معينة وجعل له عقلًا، وقدر له رزقه وأجله، وعمله، ويا ترى في النهاية شقي أو سعيد؟ الله أعلم بذلك.
الناس في الدنيا يحب أن يرى أحدهم نفسه قويًا غنيًا صاحب منصب، فإذا كان على هذه الهيئة لعله ينسى غيره من الضعفاء والفقراء والخاملين، لكن ربنا ﷾ أعلم بما في نفوس الخلق، وقد يكون هذا الإنسان الضعيف الذي يحتقره إنسان آخر أفضل عند الله ﷿ منه، وقد قال تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات:١٣]، وقال: ﴿لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ﴾ [الحجرات:١١].
إذًا: الإنسان لا ينظر لغيره بعين الاحتقار، فلعل هذا الذي تحتقره أفضل منك عند الله ﷿.
يقول: (فضل ضعفة المسلمين): المسلم الضعيف له فضل عظيم، يكفي أنه صابر على ضعفه ومرضه، وما هو فيه من أمر قدره الله ﷿ عليه، أنت أعطاك الله ﷿ القوة وهو أعطاه الضعف، وقد ينعكس الحال، فقدر نفسك مكانه، ويا ترى هل تحب أن تعاملك الناس بمثل معاملتك له؟ كل إنسان مسلم له حقه، فلا تحتقر أحدًا من الناس، فإنك لا تدري ما في قلب هذا الإنسان.
الضعفاء والفقراء من المسلمين لهم فضيلة عند الله ﷿، وغير مطلوب من الإنسان أن يعيش فقيرًا ويترك المال الذي عنده، فالغنى والفقر أقدار من الله ﷿ يقدرها على من يشاء.
كان عبد الرحمن بن عوف ﵁ من أغنياء الصحابة، وما كان يتمنى منزلة الفقراء، وكان ينفق ماله لله ﷿، فيعوض الله أكثر منه، فعلى ذلك من جعله الله غنيًا يحمد ربه ويشكره على ما هو فيه من نعمة وفضل، وله أجر.
والفقير إذا خلقه الله ﷿ فقيرًا فليصبر على ما هو فيه، وله أجر.
والغرض ألا نحتقر أحدًا لفقره، أو لضعفه، أو لخموله.
ومعنى الخمول: عدم الشهرة، إذ ليس معنى شهرة الإنسان أنه الأفضل، فالله يعلم ما في النفوس، ولعل هذا في قلبه من الإيمان ما يجعله أعلى في الدرجات عند الله ﷿، والإنسان المشهور لعل في قلبه من الرياء ما يجعله من أهل النار، لذلك على المسلم ألا يحتقر أحدًا من المسلمين، ولا يفتخر على أحد أبدًا.
9 / 2