287

Sharh Nahj Balagha

شرح نهج البلاغة

Tifaftire

محمد عبد الكريم النمري

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1418 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

الزبير أول من أشهر سيفه في سبيل الله ، قيل له في أول الدعوة : قد قتل رسول الله ، فخرج وهو غلام يسعى بسيفه مشهورا .

وروى الزبير بن بكار في الموفقيات قال : لما سار علي عليه السلام إلى البصرة ، بعث ابن عباس فقال : أئت الزبير ، فاقرأ عليه السلام ، وقل له : يا أبا عبد الله ، كيف عرفتنا بالمدينة وأنكرتنا بالبصرة ! فقال ابن عباس : أفلا آتي طلحة ؟ قال : لا ؛ إذا تجده عاقصا قرنه في حزن ، يقول : هذا سهل .

قال : فأتيت الزبير ، فوجدته في بيت يتروح في يوم حار وعبد الله ابنه عنده ، فقال : مرحبا بك يابن لبانة ! أجئت زائرا أم سفيرا ؟ قلت : كلا ، إن ابن خالك يقرأ عليك السلام ، ويقول لك : يا أبا عبد الله ، كيف عرفتنا بالمدينة ، وأنكرتنا بالبصرة ! فقال :

علقتهم أني خلقت عصبه . . . قتادة تعلقت بنشبه لن أدعهم حتى أؤلف بينهم ! قال : فأردت منه جوابا غير ذلك ، فقال لي ابنه عبد الله : قل له : بيننا وبينك دم خليفة ووصية خليفة ، واجتماع اثنين ، وانفراد واحد ، وأم مبرورة ، ومشاورة العشيرة ، قال : فعلمت أنه ليس وراء هذا الكلام إلا الحرب ؛ فرجعت إلى علي عليه السلام فأخبرته .

قال الزبير بن بكار : هذا الحديث كان يرويه عمي مصعب ، ثم تركه ، وقال : إني رأيت جدي أبا عبد الله الزبير بن العوام في المنام ، وهو يعتذر من يوم الجمل ، فقلت له : كيف تعتذر منه ، وأنت القائل :

علقتهم أني خلفت عصبه . . . قتادة تعلقت بنشبه

لن أدعهم حتى أؤلف بينهم ! فقال : لم أقله .

في الكلام على الاستدراج

واعلم أن في علم البيان بابا يسمى باب الخداع والاستدراج ، يناسب ما يذكره فيه علماء البيان قول أمير المؤمنين عليه السلام : يقول لك ابن خالك : عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق ! قالوا : ومن ذلك قول الله تعالى حكاية عن مؤمن آل فرعون : ' وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب ' ، فإنه أخذ معهم في الاحتجاج بطريق التقسيم ، فقال : هذا الرجل إما أن يكون كاذبا فكذبه يعود عليه ولا يتعداه ، وإما أن يكون صادقا فيصيبكم بعض ما يعدكم به ، ولم يقل : كل ما يعدكم به ، مخادعة لهم وتلطفا ؛ واستمالة لقلوبهم كي لا ينفروا منه لو أغلظ في القول ، وأظهر لهم أنه يهضمه بعض حقه .

Bogga 101