250

Sharh Nahj Balagha

شرح نهج البلاغة

Tifaftire

محمد عبد الكريم النمري

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1418 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

وقال آخر :

فلا الجود يفني المال والجد مقبل . . . ولا البخل يبقي المال والجد مدبر

وقال أبو تمام :

ما إن ترى الأحساب بيضا وضحا . . . إلا بحيث ترى المنايا سودا

وكذلك قال من هذه القصيدة أيضا :

شرف على أولى الزمان وإنما . . . خلق المناسب ما يكون جديدا

وأما القسم الثاني من القسم الأول ؛ وهو مقابلة الشيء بضده بالمعنى لا باللفظ ، فكقول المقنع الكندي :

لهم جل مالي إن تتابع لي غنى . . . وإن قل مالي لا أكلفهم رفدا

فقوله : إن تتابع لي غنى ، في قوة قوله : إن كثر مالي ، والكثرة ضد القلة ، فهو إذن مقابل بالمعنى لا باللفظ بعينه ، ومن هذا الباب قول البحتري :

تقيض لي من حيث لا أعلم النوى . . . ويسري إلي الشوق من حيث أعلم

فقوله : لا أعلم ليس ضدا لقوله : أعلم ، لكنه نقيض له ؛ وفي قوة قوله : أجهل ، والجهل ضد العلم ، ومن لطيف ما وقعت المقابلة به من هذا النوع قول أبي تمام :

مها الوحش إلا أن هاتا أوانس . . . قنا الخط إلا أن تلك ذوابل

فقابل بين هاتا وبين تلك ، وهي مقابلة معنوية لا لفظية ، لأن هاتا للحاضرة ، وتلك للغائبة ، والحضور ضد الغيبة ، وأما مقابلة الشيء لما ليس بضده ، فإما أن يكون مثلا أو مخالفا .

والأول على ضربين : مقابلة المفرد بالمفرد ، ومقابلة الجملة بالجملة .

مثال مقابلة المفرد بالمفرد قوله تعالى : ' نسوا الله فأنساهم أنفسهم ' ، وقوله : ' ومكروا مكرا ومكرنا مكرا ' ، هكذا قال نصر الله بن الأثير .

قال : وهذا مراعى في القرآن الكريم إذا كان جوابا كما تقدم من الآيتين ، وكقوله : ' وجزاء سيئة سيئة مثلها ' ، وقوله : ' من كفر فعليه كفره ' .

Bogga 64