249

Sharh Nahj Balagha

شرح نهج البلاغة

Tifaftire

محمد عبد الكريم النمري

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1418 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

أما الأول ، فقوله تعالى : ' فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا ' ، فالضحك ضد البكاء ، والقليل ضد الكثير . وكذلك قوله تعالى : ' لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ' . ومن كلام النبي صلى الله عليه وسلم : ' خير المال عين ساهرة لعين نائمة ' . ومن كلام أمير المؤمنين عليه السلام لعثمان : إن الحق ثقيل مرئ ، وإن الباطل خفيف وبئ ، وأنت رجل إن صدقت سخطت ، وإن كذبت رضيت .

وكذلك قوله عليه السلام لما قالت الخوارج : لا حكم إلا لله : كلمة حق أريد بها باطل .

وقال الحجاج لسعيد بن جبير لما أراد قتله : ما اسمك ؟ فقال : سعيد بن جبير ، فقال : بل شقي بن كسير .

وقال ابن الأثير في كتابه المسمى بالمثل السائرة : إن هذا النوع من المقابلة غير مختص بلغة العرب ، فإنه لما مات قباذ أحد ملوك الفرس ، قال وزيره : حركنا بسكونه .

وفي أول كتاب الفصول لبقراط في الطب : العمر قصير والصناعة طويلة ، وهذا الكتاب على لغة اليونان . قلت : أي حاجة به إلى هذا التكلف ! وهل هذه الدعوى من الأمور التي يجوز أن يعتري الشك والشبهة فيها ، ليأتي بحكاية مواضع من غير كلام العرب يحتج بها ! أليس كل قبيلة وكل أمة لها لغة تختص بها ! أليس الألفاظ دلالات على ما في الأنفس في المعاني ! فإذا خطر في النفس كلام يتضمن أمرين ضدين فلا بد لصاحب ذلك خاطر - سواء أكان عربيا أم فارسيا أم زنجيا أم حبشيا - أن ينطق بلفظ يدل على تلك المعاني المتضادة ، وهذا أمر يعم العقلاء كلهم ، على أن تلك اللفظة التي قالها ، ما قيلت في موت قباذ ، وإنما قيلت في موت الإسكندر ، لما تكلمت الحكماء وهم حول تابوته بما تكلموا به من الحكم .

ومما جاء من هذا القسم من المقابلة في الكتاب العزيز قوله تعالى في صفة الواقعة : ' خافضة رافعة ' ؛ لأنها تخفض العاصين ، وترفع المطيعين .

وقوله تعالى : ' فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ' .

وقوله : ' أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ' .

ومن هذا الباب قول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار : ' إنكم لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع ' .

ومما جاء من ذلك في الشعر قول الفرزدق يهجو قبيلة جرير :

يستيقظون إلى نهيق حميرهم . . . وتنام أعينهم عن الأوتار

Bogga 63