تحدث المؤلف عمَّا اصطُلح عليه «جمع القرآن»، وذكر حال القرآن في عهد رسول الله ﷺ فقال: (وكان القرآن على عهد رسول الله متفرقًا في الصحف وفي صدور الرجال).
وقوله: (في الصحف) فيه مشكلة؛ لأنه قد يُفهم منه أنه كان مجموعًا بأكمله في الصحف، والمعروف أنه لم يكن في عهد الرسول ﷺ مجموعًا كاملًا في الصحف فقط، وإنما كان في عدة أدوات من أدوات الكتابة مثل كتف البعير واللخاف الذي هو رقائق الحجر، وغيرها من الأدوات المتعاهدة عندهم، فكانوا يكتبون بأي شيء يمكن أن يكتب فيه.
والقرآن كتب في عهد الرسول ﷺ تحت إشرافه ﷺ؛ ولهذا حفظ في عهده مقروءًا ومكتوبًا، وهذا ما أشار إليه المؤلف بقوله: (متفرقًا في الصحف وفي صدور الرجال).
ويعني بقوله: (وفي صدور الرجال): ما يقرؤونه من المحفوظ في صدورهم.
ومن المسائل المتعلقة بجمع القرآن في عهد الرسول ﷺ:
أولًا: يلاحظ أن هناك آيات في القرآن نزلت وهي تشير إلى حفظ القرآن في السطور؛ بمعنى أن القرآن سيكون محفوظًا فيما بعد في الكتب، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً﴾ [البينة: ٢]، وكذلك قوله سبحانه: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢]، ولا يسمى الشيء كتابًا إلا إذا كان مكتوبًا، وفي القرآن غيرها من الأدلة التي تنصُّ على أنه سيكون مكتوبًا مدوَّنًا.
ثانيًا: أن الحفاظ كانوا أكثر من الكتاب في عهد الرسول ﷺ، فالاعتماد على الحفظ كان أكثر من الكتابة، وهذه قضية مهمة؛ لأن