188

Sharaxa Mukhtasar Rawda

شرح مختصر الروضة

Tifaftire

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Daabacaha

مؤسسة الرسالة

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَخَلْقُ الْأَفْعَالِ، وَالتَّوْفِيقُ وَالْخِذْلَانُ، وَالتَّكْلِيفُ بِمَا لَا يُطَاقُ، وَهِيَ أَحْكَامٌ بَاطِنَةٌ عِلْمِيَّةٌ، كَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ فِي آخِرِ مَسْأَلَةِ تَكْلِيفِ الْمُكْرَهِ، فَأَيْنَ مَوْضُوعُ نَظَرِ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ مِنْ هَذَا، حَتَّى يَسْتَنِدَ إِلَيْهِ فِي بُطْلَانِ مَا ذَكَرْنَا؟
وَنَحْنُ نَرَى أَهْلَ الْإِجْمَاعِ الشَّرْعِيِّ يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ بِمَا يَقَعُ لَهُمْ، ثُمَّ إِذَا تَكَلَّمُوا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، انْقَسَمُوا هُمْ بِأَعْيَانِهِمْ إِلَى جَبْرِيَّةٍ وَقَدَرِيَّةٍ وَمُتَوَسِّطَةٍ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الْإِجْمَاعَ الشَّرْعِيَّ حُجَّةٌ، لَكِنْ فِي الْعِلْمِيَّاتِ وَالظَّنِّيَّاتِ، وَلَا يَرْتَبِطُونَ عَلَيْهِ فِي الْعِلْمِيَّاتِ وَالْعَقْلِيَّاتِ. فَدَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، مِنْ أَنَّ الْإِجْمَاعَ الشَّرْعِيَّ لَا يَصْلُحُ مُسْتَنَدًا لِبُطْلَانِ مَا الْتَزَمْنَاهُ، مِنْ أَنَّ التَّكَالِيفَ بِأَسْرِهَا تَكْلِيفٌ بِالْمُحَالِ، بِالْمَعْنَى الَّذِي قَرَّرْنَاهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
تَنْبِيهٌ: حَيْثُ انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى لَفْظِ «الْمُخْتَصَرِ»، فَلْنَذْكُرْ جُمْلَةَ مَآخِذِ الْمَسْأَلَةِ عَقْلًا وَسَمْعًا.
أَمَّا مَأْخَذُهَا عَقْلًا، فَذَكَرَهُ الْكِنَانِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ هَلْ يَتَحَقَّقُ الطَّلَبُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْعَالِمِ بِاسْتِحَالَةِ وُقُوعِ الْمَطْلُوبِ أَمْ لَا؟ خُصُوصًا إِنِ اشْتُرِطَتِ الْإِرَادَةُ فِي الْأَمْرِ، هَلْ يَتَنَاقَضُ عِلْمُهُ بِأَنْ لَا يَقَعَ، مَعَ إِرَادَتِهِ لِأَنْ يَقَعَ أَمْ لَا؟
قُلْتُ: فَإِنْ تَحَقَّقَ الطَّلَبُ، وَلَمْ تَتَنَاقَضْ صِفَةُ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، جَازَ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ، وَإِلَّا فَلَا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ، هَلْ يُسْتَحَقَّانِ عَلَى الْأَعْمَالِ أَوِ الْأَعْمَالُ فِي حُكْمِ الْأَعْلَامِ عَلَيْهَا؟

1 / 239