Sharaxa Mukhtasar Rawda
شرح مختصر الروضة
Baare
عبد الله بن عبد المحسن التركي
Daabacaha
مؤسسة الرسالة
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بِالْإِجْمَاعِ الَّذِي اسْتَنَدْتُمْ إِلَيْهِ فِي بُطْلَانِ قَوْلِنَا؟ إِنْ عَنَيْتُمْ بِهِ الْإِجْمَاعَ الْعَقْلِيَّ، وَهُوَ إِجْمَاعُ الْعُقَلَاءِ، عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْمَعْلُومَاتِ مُمْكِنٌ، وَالتَّكَالِيفُ مِنَ الْمَعْلُومَاتِ، فَيَكُونُ بَعْضُهَا مُمْكِنًا، فَيَبْطُلُ كَوْنُ جَمِيعِهَا مُحَالًا؟
قُلْنَا: الْمُمْكِن ُ الَّذِي أَجْمَعَ الْعُقَلَاءُ عَلَى وُجُودِهِ فِي عُمُومِ الْمَعْلُومَاتِ وَخُصُوصِ التَّكَالِيفِ، هُوَ الْمُمْكِنُ لِذَاتِهِ، أَمَّا الْمُمْكِنُ لِغَيْرِهِ، فَيَمْتَنِعُ وُجُودُهُ فِي التَّكَالِيفِ بِمَا قَرَّرْنَاهُ، وَالْإِجْمَاعُ الْعَقْلِيُّ يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ ذَلِكَ.
وَإِنْ عَنَيْتُمْ بِالْإِجْمَاعِ الْمَذْكُورِ الْإِجْمَاعَ الشَّرْعِيَّ الصَّادِرَ عَنْ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ، فَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا عِلْمِيَّةٌ، أَيِ: الْمَطْلُوبُ فِيهَا الْعِلْمُ الْجَازِمُ، لِأَنَّ الْبَرَاهِينَ تَتَّجِهُ فِيهَا، وَالْإِجْمَاعُ الشَّرْعِيُّ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَظَائِرِهَا مِنَ الْعِلْمِيَّاتِ لِظَنِّيَّتِهِ، أَيْ: لِكَوْنِهِ ظَنِّيًّا، أَيْ: مُسْتَنَدُهُ أَدِلَّةٌ ظَنِّيَّةٌ، وَإِنَّمَا يُفِيدُ الظَّنَّ لَا الْقَطْعَ، وَالْمَطَالِبُ الْعِلْمِيَّةُ لَا تَحْصُلُ بِالْمَدَارِكِ الظَّنِّيَّةِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ الشَّرْعِيَّ ظَنِّيٌّ - كَمَا قُلْنَا - أَنَّ عُلَمَاءَ الْأُمَّةِ اخْتَلَفُوا فِي تَكْفِيرِ مُنْكِرِ حُكْمِهِ، أَيْ: مَنْ أَنْكَرَ حُكْمًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِجْمَاعِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَجْمَعُوا عَلَى تَسْوِيغِ هَذَا الْخِلَافِ، وَلَوْ كَانَ عِلْمِيًّا، لَمَا اخْتَلَفُوا فِي تَكْفِيرِ مَنْ أَنْكَرَ حُكْمَهُ، كَمَا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي تَكْفِيرِ مَنْ أَنْكَرَ حُكْمًا شَرْعِيًّا ضَرُورِيًّا، كَوُجُودِ الصَّانِعِ وَتَوْحِيدِهِ، وَإِرْسَالِ الرُّسُلِ، وَوُجُوبِ الْأَرْكَانِ الْخَمْسَةِ.
وَأَيْضًا، فَأَهْلُ الْإِجْمَاعِ الشَّرْعِيِّ إِنَّمَا يَتَكَلَّمُونَ فِي أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ الظَّاهِرَةِ الْعَمَلِيَّةِ، وَكَلَامُنَا هَهُنَا فِي سِرِّ الْإِلَهِيَّةِ الَّذِي تَاهَتْ فِيهِ الْعُقُولُ، وَهُوَ الْقَدَرُ،
1 / 238