قال جالينوس: لا أحسب أن آل ديوسقوريدس علموا أن اسم «قنخروس» وهو «الجاورس» ليس يذكره القوم الذين ينسبون أنفسهم بالباطل إلى معرفة لغة اليونانيين. فإنهم لو كانوا علموا ذلك بعد كانوا في هذا الموضع أيضا قد استعملوا الشيء الباطل الذي من عادتهم استعماله فغيروا قول أبقراط «ثخين» فأنثوه كما غيروا اسم «قيرسوس» وهو الدالية الذي نجده في جميع الكتب مكتوبا الياء منه قبل الراء وغيروه آل ديوسقوريدس إلى لغة أولائك القوم الذين ذكرت يجعلوا الراء منه قبل الياء. وقولي ما قلت من هذا فيهم إنما جرى مني على طريق العذل.
فأما أنت أيها القارئ لكتابي هذا فينبغي أن تستخف بالأسماء وتعنى بمعرفة الأدوية وتبحث في أي الحالات ينبغي أن تستعمل «الجاورس» المقول بهذه الصفة فإن أبقراط لم يقل في هذا الموضع إنه ينبغي أن يستعمل فيمن ذكر حاله دائما لكنه إنما أخبرك بقوة هذا الدواء خبرا مطلقا حتى تقدر أن تستعمله بعد أن تميز وتخلص هل ينبغي لك أن تستعمله أم لا. فإنه كثيرا ما يكون «البراز» على الحال التي وصف فلا ينبغي حبسه وقطعه قبل الوقت الذي ينبغي.
وقوله في «الجاورس ثخين» يدل على صنعته وعمله يعني أن يكون دقيق الجاورس المطبوخ غليظ القوام. فليس بمعلوم أي الأمرين أراد أبقراط بقوله «المطبوخ بالزيت»: إنما أراد أن يطبخ دقيق الجاورس كما من عادتنا أن نطبخه بالماء أولا ثم يلقى عليه بأخرة الزيت فيكون ذكره الزيت إنما هو صفة تطييبه أو إنما أراد أن يخلط دقيق الجاورس منذ أول الأمر مع الزيت ثم يطبخ. إلا أني أرى أن هذا الطريق من الطبخ يقبض وقد اتفق جميع الناس على أن مع الجاورس قوة مجففة وقد وصفت ذلك من أمره في كتابي في الأدوية المفردة.
Bogga 222