وأنا مجمل قولي من أوله ثم أقطعه فأقول إن أبقراط دل بقوله «جاءت أمطار جود مع حر الصيف كله وكان أكثر ما يكون مع الجنوب» على السبب الذي يسمى «البادئ» الذي منه يكون تولد الجمر وهذا السبب هو سبب خارج عن الأبدان التي نالتها الآفة. ودل بقوله «ويصير تحت الجلد صديد» على السبب الذي يسمى «المتقادم» الذي منه يكون تولد الجمر وهو السبب الذي يحدث في البدن أولا. ودل بقوله «فإذا احتقن سخن» على الجهة التي بها يحدث ذلك السبب الجمر وذلك هو إفراط حرارة الخلط الغالب في البدن وغليانه بسبب العفونة. وسماه «صديدا» من قبل أنه كان خارجا عن الطبيعية خروجا رديئا خبيثا. فأما قوله «وولد حكة» فهو عرض يتقدم حدوث الجمر.
فأما ما بعد هذا فأعراض لزمت ذلك الجمر خاصة الذي حدث في ذلك الوقت وهي حدوث «النفاخات الشبيهة بحرق النار» وإحساس من الحرارة الشديدة فيما دون الجلد حتى «يخيل» إلى صاحب القرحة «أن ذلك الموضع منه يحترق احتراقا». وقد تقدم فدل على أنه يحدث منه إذا قرحة ذات خشكريشة منذ أول كلامه حين قال: «الجمر الصيفي الذي كان بقرانون». فإن اسم «الجمر» إنما يدل على قرحة هذه حالها مع التهاب يكون حولها كما قلت.
[chapter 2]
قال أبقراط: إذا كان حر ولم يكن معه مطر لم يحدث في الحميات عرق في أكثر الأمر. فإن جاء شيء من المطر في الحر ولو يسير كان العرق في الحميات أكثر.
Bogga 88