للمرأة محطوطة الكشح، ومحطوطة المتن، فإذا قالوا محطوطة المتن فإنما يراد أن متنها كأنه قد ملس بالمحط، وإذا قيل محطوطة الكشحين احتمل هذا الوجه، والأجود أن روافدها ارتفعت وأن كشحها حط لضمرها، وقد يجوز مثل هذا في المتن قال القطامي:
بيضاء محطوطة المتنين بهكنة ... ريا الروادق لم تمغل بأولاد
فتأمل هذا الكلام كيف بدأ وكيف انتهى، وكيف تجلت فيه عبقرية أبي العلاء في اللغة واشتقاقاتها واستعمالها في المدلول الدقيق، ولكن أين موقع هذا الكلام من النص المراد شرحه؟ ! .
لا شك أن المنهج التعليمي الشامل الذي أخذ به بعض الشراح هو الذي دفعهم إلى هذا الجنوح في تفسير أسماء الشعراء، وهو تفسير لا علاقة للنص الأدبي به إلا في مجال المنهج التعليمي الشامل الذي يجعل من النص وقائله مجالا لدرس اللغة وما فيها من اشتقاقات ودلالات.
والحق أن المصنف في شرحه هذا كان بمنأى عن هذه الاستطرادات، ذلك لأنه جعل الإيجاز سبيله الذي لا يحيد عنه، فهو مثلا يشرح أسماء الشعراء ولكنه لا يسهب هذا الإسهاب الذي رأيناه في نقل التبريزي عن شيخه أبي العلاء، وإنما يشرح الاسم بجملة أو جملتين، وأحيانا بكلمة واحدة، وهو في هذا يستفيد من ابن جني فيما خلفه في "المبهج" أو يجتهد فيما لم يتطرق إليه ابن جني في كتابه قال في تفسير اسم كبشة أخت عمرو بن معدي كرب "كبشة اسم مرتجل"، وليس بتأنيث كبش لأن ذلك لا مؤنث له من لفظه وإنما هو نعجة". وقال في تفسير "أبو حنبل الطائي" الحنبل القصير. وقال في شرح "قتة" من اسم "سليمان بن قتة" القتة واحدة ألقت وهي المرة الواحدة من قت الحديث إذاعه".
2 / 42