يعلى وجمهور الحنفية والحنبلية وأئمة المالكية والشافعية، وهو الذي ذكره البغوي في [شرح السنة] عن أهل السنة، وذكره البخاري إجماع العلماء، كما بسط ذلك في مواضع أخر.
والأصل الثاني: نفيهم أن تقوم به أمور تتعلق بقدرته ومشيئته، ويسمون ذلك: [حلول الحوادث] فلما كانوا نفاة لهذا، امتنع عندهم أن يقوم به فعل اختياري، يحصل بقدرته ومشيئته، لا لازم ولا متعد، لا نزول ولا مجيء، ولا استواء ولا إتيان، ولا خلق، ولا إحياء، ولا إماتة، ولا غير ذلك. فلهذا فسروا قول السلف بالنزول بأنه يفعل ما يشاء، على أن مرادهم حصول مخلوق منفصل، لكن كلام السلف صريح في أنهم لم يريدوا ذلك، وإنما أرادوا الفعل الاختياري الذي يقوم به.
والفضيل بن عياض ﵀ لم يرد أنه يخلو منه العرش، بل أراد مخالفة الجهمية؛ فإن قوله: [يفعل ما يشاء] لا يتضمن أنه لابد أن يكون تحت العرش بل كلامه من جنس كلام أمثاله من السلف، كالأوزاعي، وحماد بن زيد، وغيرهما. ومنهم من أنكر ما روى عن أحمد في رسالته إلى مُسَدَّد، وقال: راويها عن أحمد مجهول، لا يعرف في أصحاب أحمد من اسمه أحمد بن محمد البَرْدَعِيّ.
وأهل الحديث في هذا على ثلاثة أقوال:
منهم من ينكر أن يقال: يخلو أو لا يخلو، كما يقول ذلك الحافظ عبد الغني المقدسي وغيره.
ومنهم من يقول: بل يخلو منه العرش، وقد صنف أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن محمد بن منده مصنفًا في الإنكار على من قال: لا يخلو منه العرش، وسماه: [الرد على من زعم أن الله في كل مكان، وعلى من زعم أن الله ليس له مكان، وعلى من تأول النزول على غير النزول] .
وذكر أنه سئل عن حديث أخرجه أبو سعيد النقاش في
1 / 43