Sharaxa Fusuul Abuqraat
شرح فصول أبقراط
Noocyada
في مراتب التدبير اللطيف والمرض الحاد. التدبير اللطيف يترتب ثلاثة مراتب. أحدها التدبير اللطيف في الغاية القصوى، وهو ترك الغذاء. ويقابل به المرض الحاد في الغاية القصوى، وهو الذي لا يتجاوز بحرانه الرابع. بل ينفصل حكمه فيه إما إلى السلامة وإما إلى العطب. هذا متى كان في القوة احتمال. وإلا، فغذوناه. وثانيها التدبير اللطيف لا في الغاية القصوى كماء الشعير PageVW5P012B أو الجلاب أو ماء العسل. ويقابل به المرض الحاد لا في الغاية القصوى، وهو الذي لا يتجاوز بحرانه السابع. بل ينفصل حكمه فيه إما إلى السلامة وإما إلى العطب. وثالثها التدبير اللطيف مطلقا كالأحساء. ويقابل به المرض الحاد مطلقا، وهو الذي لا يتجاوز بحرانه الرابع عشر أو السابع عشر. بل ينفصل حكمه فيه إما إلى السلامة وإما إلى العطب. وما بعد هذه المدة إلى الأربعين فإنه يسمى المنتقل. وما بعد ذلك فإنه يسمى المزمن، اشتقاقا من الزمان. ومثل هذه الأمراض لا يجوز أن يستعمل فيها التدبير اللطيف لأنه يفي بحفظ القوة لطول الزمان ولما قلناه.
البحث السابع
في تحقيق ما يمنع فيه من استعمال التدبير البالغ في اللطافة. أما أبقراط فإنه قال يمنع في جميع الأمراض المزمنة لما ذكرنا وفي بعض الأمراض الحادة، وهي التي لم يكن للقوة * فيها (545) احتمال للمقاومة. فإن مثل هذه الواجب أن يغلظ فيها الغذاء. * ولذلك (546) قال «التدبير البالغ في اللطافة» أي منع الغذاء عسر مذموم. وقوله «لا محالة» يريد به بت الحكم ودوامه مطلقا بلا شرط. وقوله «والتدبير الذي يبلغ فيه الغاية القصوى من اللطافة في الأمراض الحادة إذا لم تحتمله قوة المريض عسر مذموم» ذكره بشرط، وهو أن تكون القوة ضعيفة لا مظلقا. * ولذلك (547) لم يبت الحكم هاهنا كفعله في الأمراض المزمنة لأنه احتاج * فيه (548) إلى شرط.
البحث الثامن:
لقائل أن يقول هاهنا ثلاثة شكوك. أحدها منعه من استعمال التدبير اللطيف في * جميع (549) الأمراض المزمنة. قال الرازي الواجب أن يحمل هذا على مزمن الحميات لا على المزمن مطلقا. فإن لنا من المزمنات ما ينتفع بالتدبير اللطيف كالنقرس والصرع، فإنهما مزمنان لأنهما طويلا المدة وينتفع فيهما بالتدبير اللطيف لأنه يخفف مادتهما ويقلل الألم فيهما بخلاف التدبير الغليظ. والتجارب الطبية تشهد بصحته هذا. وثانيها حكمه ينفع التدبير اللطيف في الأمراض الحادة إذا كان في القوة احتمال للمقاومة. قال. وهذا لا يجب أن يحمل كليا أيضا بل يحمل على حاد الحميات. فإن لنا من الأمراض الحادة ما ينتفع بتغليظ التدبير كالتشنج والكزاز اليابسين، فإنهما مرضان حادان لأنهما قصير المدة. ومع ذلك فالتدبير الغليظ أنفع فيهما من التدبير اللطيف لاحتياجهما إليه. وذلك مثل الترطيب ومنع التحليل وبالجملة استعمال ما يرطب الأعصاب والعضلات ويزيل جفافها. ولا شك أن هذا من قبيل التغليظ. وثالثها كلام الإمام أبقراط هاهنا في نفع الغذاء اللطيف في الأمراض الحادة والغليظ في الأمراض المزمنة، وحينئذ فالعبارة الصحيحة الموافقة لذلك أن يقول «الغذاء اللطيف» إلى إخره مع أنه لم يقل كذلك بل قال التدبير اللطيف، والعبارة الأولى أنسب وأجود. والجواب عن الأول من وجهين. أحدهما أن التدبير النافع في المزمنين المذكورين اللطيف مطلقا لا البالغ في اللطافة الذي هو عبارة عن ترك الغذاء. وأبقراط لم يمنع من استعمال التدبير المذكور في الأمراض المتطاولة التي هي المزمنة. بل منع من استعمال البالغ في اللطافة الذي هو ترك الغذاء. ولا شك أن مثل PageVW5P013A هذا التدبير لو استعمل في الأمراض المذكورة، انخدلت القوة وضعفت عن مقاومة المرض إلى وقت المنتهى. وثانيها أن المرضين المذكورين لا يرد بهما النقض. وذلك لأنهما ليسا مزمنين من جميع الوجوه. فإن الصرع مثلا له اعتبار أن أحدهما بحسب مدته والثاني بحسب نوبته. فبالنظر إلى الأول يقتضي تغليظ التدبير. وبالنظر إلى الثاني يقتضي تلطيف التدبير، لأن نوائبه يصح إطلاق الحدة عليها لقصر مدتها وشدة أعراضها. والجواب عن الثاني أن قول أبقراط إذا لم يحتمله قوة المريض، يندفع هذه الإيراد. وذلك لأن معنى «الاحتمال» هاهنا الاحتياج. فكأنه يقول «التدبير اللطيف نافع في الأمراض الحادة إذا احتيج إليه وكان في القوة احتمال لاستعماله». وأما متى لم يكن كذلك، كان استعماله ضار. ولا شك أن المرضين المذكورين أي التشنج والكزاز اليابسين يحتاج فيهما إلى تغليظ التدبير، وهو الترطيب ومنع التحليل. والجواب عن الثالث يقول إنما قال «التدبير اللطيف» ولم يقل «الغذاء اللطيف» ليدخل فيه ترك الغذاء على ما عرفت. وترك الغذاء ليس بغذاء فلذلك كان إطلاق التدبير اللطيف على ما ذكره أولى من إطلاق الغذاء اللطيف. والله أعلم.
5
[aphorism]
قال أبقراط: في التدبير اللطيف قد يخطئ المرضى على أنفسهم خطأ يعظم ضرره عليهم. وذلك أن جميع ما يكون منه من الخطأ أعظم ضررا مما يكون من الغذاء الذي له غلظ يسير. ومن قبيل هذا صار التدبير البالغ في اللطافة في الأصحاء أيضا خطرا لأن احتمالهم لما يعرض من خطائهم أقل. ولذلك صار التدبير البالغ في اللطافة في أكثر الحالات أعظم خطرا من التدبير الذي هو أغلظ قليلا.
[commentary]
الشرح: هاهنا مباحث عشرة.
Bog aan la aqoon