Sharaxa Fusuul Abuqraat
شرح فصول أبقراط
Noocyada
في صلة هذا الفصل بما قبله، وهي أنه لما تكلم في الفصل المتقدم في شيء من أحكام الغذاء، ذكر في هذا الفصل مراتب الغذاء بحسب مراتب الأمراض.
البجث الثاني
في معنى التدبير. التدبير في اللغة هو التصرف يقال «فلان حسن التدبير» أي حسن التصرف. وأمأ في العرف الطبي فهو التصرف في الستة الضرورية. وأبقراط يريد به هاهنا التصرف في الغذاء، وليس ذلك مطلقا * بل (533) من جهة ما هو غليظ أو لطيف بعد أن يعلم أن الغذاء المستعمل في حال المرض ليس هو غذاء محضا، بل فيه قوة دوائية.
البحث الثالث
في معنى الغليظ واللطيف. الغذاء الغليظ هو الذي يتولد عنه دم غليظ، وهذا يحتاج في هضمه وإحالته، ويشبه بالعضو إلى قوة متوفرة * ليفي (534) له بذلك. ولذلك صرنا لا نستعمله إلا عندما تكون القوة قوية وليس لها شاغل يشغلها. والغذاء اللطيف هو الذي يتولد عنه دم رقيق، وهذا لا يحتاج في هضمه وإحالته ويشبهه بالعضو إلى ما يحناج إليه مقابله. * ولذلك (535) صرنا نستعمله عند ما تكون القوة مشغولة بما يقاومها أو عند كونها ضعيفة. وينبغي أن يعلم أن الغذاء اللطيف غير الملطف. فإن اللطيف على ما ذكرنا هو الذي يتولد عنه دم رقيق، والملطف هو الذي يجعل قوام الشيء أرق ومما هو عليه. وهذا قد يكون جوهره * غليظا (536) كالحال في الفجل وكل لطيف ملطف ولا ينعكس.
البحث الرابع
في تحقيق القول في المرض الحاد والمزمن. المرض الحاد هو القصير المدة الشديد الخطر. وبهذا تخرج حمى يوم عن كونها مرضا حادا والمزمن هو الطويل المدة القليل الخطر. فإن أراد مريد إدخال حمى يوم في ذلك، فليسقط الشرط الأخير وهو الخطر. ويعرف أحدهما من الآخر من أمور سبعة. أحدها من التدبير المتقدم. فإنه متى كان قليلا أو لطيفا، فهو حاد؛ وإلا، فهو مزمن. وثانيها من السخنة. فإنها متى كانت متخلخلة، فهو حاد. ومتى كانت متلززة، فهو مزمن. وثالثها من الوقت الحاضر. فإنه متى كان حارا، فهو حاد في الأكثر، ومتى كان باردا PageVW5P012A فهو مزمن في الأكثر. ورابعها من المهنة. فإنها متى كانت من الصنائع التي يحتاج في عملها إلى مباشرة النار كصناعة الحدادة والصياغة، فهو حاد في الأكثر. ومتى كانت من الصنائع * التي (537) يحتاج في عملها إلى مباشرة المياه كالقصارة والملاحة فهوو مزمن في الأكثر. وخامسها من السن. فإنها متى كانت سن الشباب أو سن الصبى، فهو حاد في الأكثر، * ومتى كان سن الكهولة أو الشيخوخة، فهو مزمن في الأكثر (538) . وسادسها من نوع المادة. فإنها متى كانت صفراء أو دما، فهو حاد، ومتى كانت بلغما أو سوداء، فهو مزمن. وسابعها من جهة القوة المدبرة للبدن. فإنها متى كانت قوية وافية بالمرض مستقلة به، فهو حاد، ومتى كانت بعكس ذلك، فهو مزمن. فبهذه الوجوه يعرف هل المرض حاد أو مزمن.
البحث الخامس
في تحقيق القول في الغذاء المستعمل في المرض. اعلم أن الغذاء صديق للطبيعة لأنه يقويها وغذوها لأنه يقوي ضدها الذي هو المرض. * ولذلك (539) كان من الواجب أن يكون فيه قوة دوائية عند استعماله في المرض ليحصل به الغرض من الجهتين جميعا. وحينئذ يجب أن يراعي في ذلك الأهم، وهو القوة إن كانت ضعيفة أو المرض إن كان عظيما. والغذاء يستعمل في حال الصحة إما لإخلاف عوض المتحلل أو للإخلاف. والزيادة في النمو إن كان موجودا وفي المرض لحفظ القوة أو لتقويتها إن طرأ * عليها (540) أمر مضعف وتارة يستعمل لتخفيف المادة وهو عند ما تكون كثيرة المقدار * وليكن (541) في هذا الوقت قليل التغذية كالبقول. ويمنع الغذاء في المرض لئلا تشتغل الطبيعة به عن التصرف في مادة المرض. فإن كان غرضنا مع ذلك حفظ القوة، قللنا من كميته أو من تغذيته أو منهما جميعا. وذلك بحسب الحاجة، فإنه من جهة تقليله يراعى جانب المادة لئلا يزيد في مادة المرض، * ومن (542) تكثيره يراعى جانب القوة لئلا تخور. ويجب أن يراعى الأهم في ذلك. ومعرفة الأهم تكون من وجهين، أحدهما من جهة المرض، وثانيهما من جهو القوة. أما المأخوذ من جهة المرض فإنه يختلف باختلاف مرتبته. فإن عنايتنا بالقوة في الأمراض المزمنة أكثر من عنايتنا بها في الأمراض الحادة، لأنا نعلم أن منتهاها بعيد وتحتاج القوة فيها إلى مجاهدات كثيرة بسبب غلظ المادة. فلذلك يكون استعمالنا * الغذاء (543) فيها أكثر من استعماله في مقابلها، ويكون في ابندائها أكثر، ثم ينقص منه قليلا قليلا. وذلك بحسب القرب من المنتهى. فإذا جاء المنتهى، لطفناه أو قللناه إلى الغاية ثقة منا بما سلف * وتخفيف (544) على القوة وقت جهادها. وأما الأمراض الحادة فإن منتهاها قريب، فلا تحتاج الطبيعة فيها إلى ما يحتاج إليه في الأمراض المزمنة. فلم نحتج إلى التغذية فيها كحاجتنا إليها في المزمن. فإن خففنا، خور أن القوة لأمر طارئ استعملناه. فإن استعماله أجود من تركه على ما ستعرفه.
البحث السادس
Bog aan la aqoon