110

[commentary]

قال عبد اللطيف: الحار مقيح في طبيعته وربما لم يقيح (99)، كما أن البارد يحدث التشنج والتمدد بطبيعته، وربما أبرأ منهما (100) في الندرة؛ فإن القروح المتعفنة والتي تنجلب (101) إليها فضول رديئة لا يحدث فيها الحار تقيحا، لكنه يضرها مضرة عظيمة. واعلم أن تولد المدة في القرحة من أعظم العلامات دلالة على الثقة والأمن فيها، لأنه لا يمكن أن يكون لقرحة يتولد فيها قيح عادية ولا يخاف لها غائلة (102). فأما القروح التي يحدث عنها التشنج فإنها مما لا يتقيح (103)، وكذلك القروح المتعفنة والمتآكلة والتي يعسر اندمالها، كل ذلك مما لا يتقيح (104)، وكذلك (105) القروح السرطانية والآكلة مما لا يتقيح (106). فإذا (107) تقيح القرحة من أعظم أمارات السلامة، وعلى هذا يستدل بالماء الحار فإن القرحة إذا لم تتقيح باستعماله عليها لم يكن ذلك علامة محمودة (108). والحار أيضا يلين الجلد إذا صلب، ويرققه (109) إذا غلظ، ويسكن الأوجاع، ويكسر عادية (110) التشنج والتمدد، ولا يحدث من الوجع ما يحدثه البارد لأن البارد منافر لطبيعة أبداننا (111)، والحار ملائم. فالحار إذا استعمل من خارج باعتدال أنضج وحلل واستفرغ وأبرأ، إما البرء PageVW3P087B التام، وإما بعض ذلك، ولهذا يسكن الأوجاع (112). وكذلك يفعل في علل الرأس، ويبريء (113) الثقل العارض فيه بإنضاجه وتحليله. وهو أيضا من أنفع الأشياء لكسر العظام، وخاصة ما كان منها متعريا عن اللحم، ولا سيما في كسر عظام الرأس لأن البارد يضر الرأس من وجهين: من جهة مضرته الدماغ، ومن جهة مضرته العظام. وأيضا فإن ما أماته من الأعضاء (114) البرد فالحار يشفيه، وأيضا ما أقرحه البرد فالحار يشفيه كما يقرح الجمد الأصابع. والحار أيضا موافق (115) للقروح التي تسعى PageVW1P066B وتدب وهي النملة إذا كان معها تآكل، على أن مادتها خلط لذاع PageVW0P077A حار PageVW2P092A مراري، لكن البارد يقاومها ويضرها لأنه لذاع للقروح. وكذلك الحار موافق لسائر علل (116) المقعدة، والبارد مقاوم ضار؛ لأن المقعدة عضو عصبي. وقد تسري مضرة البارد من المقعدة إلى البطن، وكذلك الحال (117) في الرحم والمثانة ينفعهما الحار، ويضرهما البارد.

[فصل رقم 216]

[aphorism]

قال أبقراط: وأما البارد فينبغي (118) أن تستعمله في هذه المواضع، أعني في المواضع التي يجري منها (119) الدم، أو هو مزمع بأن يجري منها، وليس ينبغي أن يستعمل في نفس الموضع (120) الذي يجري منه الدم لكن حوله ومن حيث يجيء، وفيما كان من الأورام الحارة والتلكع مائلا إلى الحمرة ولون الدم الطري، لأنه إن استعمل فيما قد عتق فيه الدم سوده (121)، وفي الورم الذي يسمى الحمرة إذا لم (122) يكن معه قرحة، لأن ما كانت معه قرحة فهو يضره.

[commentary]

قال عبد اللطيف: ذكر منافع البارد، وجملة منافعه الردع في المواضع التي يحتاج فيها إلى ردع المواد. فقوله: "في هذه المواضع" أي في هذه المواضع التي (123) ذكرها، ثم قال: "أعني في المواضع التي يجري منها الدم" ليردع ويقطع الانصباب. وقوله: "أو هو مزمع بأن يجري منها" إذا أردت حسم المادة قبل كونها. وقوله: "وليس ينبغي أن يستعمل في نفس الموضع الذي يجري منه الدم" لأنه قرحة، والبارد يضر القروح. قوله: "لكن حوله ومن حيث يجئ" يقول: نضع (124) البارد على مبدأ PageVW3P088A السيلان وعلى طريقه لا على موضع السيلان المتقرح. قوله: "وفيما كان من الأورام الحارة والتلكع مائلا إلى الحمرة" أي ويستعمل البارد في الأورام الحارة الدموية، والتلكع عنى (125) به الموضع الذي كان النار قد كوته وأحرقته لشدة حرارة مواده، فإن هذه المواضع تستريح إلى البارد لغلبة الحرارة عليها، فالبارد ينفع فيها نفعين: يردع الأنصباب، ويسكن عادية الحرارة والالتهاب. ولم يكتف بقوله: "مائلا PageVW2P092B إلى الحمرة" حتى قال: "ولون الدم الطري" لأن ما كان كذلك كان التهابه أشد وانصباب المواد إليه أكثر وأقرب عهدا (126)، والمواد التي في الانصباب هي التي تردع، فأما التي انصبت وفرغت واستقرت في العضو وعتقت فإنها تزول حمرتها وإشراقها وتأخذ PageVW0P077B في الإكمداد والإسوداد والبرد، فإذا استعمل عليها البارد سود لأنه يجمد ذلك الدم ويبرده. وقوله: "وفي الورم الذي يسمى الحمرة" أي ويستعمل البارد في الورم الذي يسمى الحمرة، لأنه أيضا صفراوي ملتهب، وشرط: إذا لم يكن معه قرحة؛ لأن البارد ينكيها (127) ويضرها بلذعه؛ وهكذا يفعل البارد بكل قرحة. وبالجملة: فلا يقدم على استعمال البارد، إلا إذا (128) كانت المواد حارة حادة ملتهبة دموية، أو صفراوية قريبة العهد بالانصباب (129)، ولم يكن PageVW1P067A هناك قرحة.

[فصل رقم 217]

[aphorism]

قال أبقراط: إن الأشياء الباردة مثل الثلج والجمد ضارة (130) للصدر، مهيجة للسعال، جالبة لانفجار الدم والنزلات.

Bog aan la aqoon