109

[commentary]

قال عبد اللطيف: إنما يلذع - بالقول المطلق - الحار (70) لأن الشيء إنما يلذع إذا كان معه قوة نفوذ فينكي، وليس في البارد قوة (71) نفوذ في العضو الصحيح، لكن القروح لسخافتها تنفذه (72) فيحدث فيها لذعا. وأما كونه يصلب الجلد فبتكثيفه، ويحدث من الوجع ما لا يكون معه تقيح، لأنه يبرد (73) PageVW3P086B الحرارة الغريزية التي يكون بها تولد القيح في القروح، ويمنع أيضا PageVW0P076A الأشياء المحدثة للوجع أن تنحل. ولحقنه (74) المادة التي من شأنها أن تنحل؛ يسود العضو، ويحدث النافض (75) والحمى والتشنج والتمدد؛ وقد سبق ذكر ذلك.

[فصل رقم 214]

[aphorism]

قال أبقراط: ربما صب على من به تمدد من غير قرحة، وهو شاب (76) حسن اللحم، في وسط من الصيف ماء بارد كثير فأحدث (77) فيه انعطافا من حرارة كثيرة فكان تخلصه بتلك الحرارة.

[commentary]

قال عبد اللطيف: لما ذكر مضار البارد بالذات أخذ يذكر في هذا الفصل منافعه بالعرض فقال: من كان به تمدد وسائر أصناف التشنج، وكان شابا مكتمل الشباب حسن اللحم معتدله، وكان الزمان وسط الصيف، ولم يكن تشنجه (78) عن قرحة، فإن البارد لذاع للقرحة يحدث فيها التشنج والوجع؛ فمن اجتمعت فيه هذه الشرائط دل PageVW2P091A على وفور حرارة طبيعية، وقوته (79)، واحتماله البارد، وأنه (80) لا يطفئ حرارته، بل تتحرك إلى الباطن فتقوى فيه ويشتد أمرها ، وتستولي على السبب الموجب للتشنج فتسخنه وتحلله؛ فهذا إذا صب عليه ماء بارد كثير شفي، وكان شفاؤه باستيلاء (81) الحرارة واستيفادها (82) وجمعها. وما أحسن قول أبقراط: "فكان تخلصه بتلك الحرارة" فنسب الشفاء إلى الحرارة بالذات، وإلى البرودة بالعرض. وقوله: "كثير" يصلح أن يكون صفة ماء، ويصلح أن يكون صفة بارد؛ ويختلف المعنى بذلك، فإنه إن كان صفة "لماء (83)" كان أبقراط قد أمر أن يكثر من صب الماء البارد (84)، وإن كان صفة لبارد كان قد أمر بصب (85) الماء البارد الشديد البرد. وكونه صفة (86) "للماء (87)" أشبه بالمعنى لأنه ينبغي أن يستكثر من صب الماء البارد ويطول زمان صبه ومباشرته البدن ليتقي (88) الحرارة منعطفة (89) زمانا يمكنها فيه أن تشفي من التمدد وتخلص منه، فيكون PageVW1P066A الكثير راجعا إلى الماء، ويراد به (90) طول زمان الصب لا أن يصب ماء كثير دفعة. وينبغي أن لا يستعمل (91) هذا الصنف من العلاج إلا إذا وثقت بوفور (92) الحرارة الغريزية، PageVW3P087A وأن فيها من القوة ما يقاوم برودة الماء ولا ينطفئ منه. وبعض مشايخنا عالج امرأة بها سكتة بالماء الشديد البرد بعد أن جردها، وكان ذلك وسط الشتاء، فبرئت على المكان فعجب (93) الناس من كونه أحيى من هو في اعتقادهم ميت.

[فصل رقم 215]

[aphorism]

قال أبقراط: الحار مقيح، لكن (94) ليس في كل قرحة (95)؛ PageVW0P076B وذلك من أعظم العلامات دلالة على الثقة والأمن (96)، ويلين الجلد ويرققه (97)، ويسكن الوجع، ويكسر (98) عادية النافض والتشنج والتمدد، ويحل الثقل العارض في الرأس، وهو من أوفق الأشياء لكسر العظام وخاصة المعرى منها، ومن العظام خاصة لعظام الرأس، ولكل ما أماته البرد وأقرحه، وللقروح التي تسعى وتتآكل، وللمقعدة، والقروح، والرحم، والمثانة؛ فالحار لأصحاب هذه العلل PageVW2P091B شاف نافع، والبارد لهم ضار قاتل.

Bog aan la aqoon