وفيه سهل بن عفان والجارود بن يزيد وهما ضعيفان فحصل لنا من ذلك كله حجية حديث فاطمة بنت أبي حبيش وحديث ابن عياش وحديث أبى الدرداء فلا يعارضها غيرها مما رواه الشافعي ولو أرخينا العنان وجعلناها تتعارض فإن جمعنا وهو أولى عند الإمكان كان محمل ما رواه الشافعي على القليل فى القىء وما لم يسل وما رواه زفر على الكثير توفيقا بين الأدلة وإن أسقطناها صرنا إلى القياس وهو ما ذكره بقوله إن خروج النجاسة مؤثر في زوال الطهارة شرعا وهذا القدر في الأصل معقول أى عقل في الأصل وهو الخارج من السبيلين أن زوال الطهارة عنده وهو الحكم إنما هو بسبب أنه نجس خارج من البدن إذ لم يظهر لكونه من خصوص السبيلين تأثير وقد وجد في الخارج من غيرهما فيتعدى الحكم إليه فالأصل الخارج من السبيلين وحكمه زوال طهارة يوجبها الوضوء وعلته خروج النجاسة من البدن وخصوص المحل ملغى والفرع الخارج النجس من غيرهما وفيه المناط فيتعدى إليه زوال الطهارة التي يوجبها الوضوء فثبت أن موجب هذا القياس ثبوت زوال طهارة الوضوء وإذا صار زائل طهارته فعند إرادة الصلاة يتوجه عليه خطاب الوضوء وهو تطهير الأعضاء الأربعة فلا حاجة إلى إثبات تعدية الاقتصار ضمنا أصلا كما ذكره في الكتاب والاشتغال بتقريره كما في الشروح وإذا صار خروج النجاسة من غير السبيلين كخروجها من السبيلين يرد أن يقال فلم اشترطتم للنقض في غيرهما السيلان مع أنه ليس بشرط فيهما فأجاب بقوله غير أن الخروج إلى آخره أى النقض بالخروج وحقيقته من الباطن إلى الظاهر وذلك بالظهور في السبيلين يتحقق لا بالظهور في غيرهما وبيانه في الكتاب ظاهر واشتراط ملء الفم بأن لا يمكنه ضبطه إلا بتكلف لأنه حينئذ يخرج ظاهرا فاعتبر خارجا ملاحظة لبطون الفم فإن له بطونا معتبرا شرعا حتى لو ابتلع الصائم ريقه لا يفسد صومه كما لو انتقلت النجاسة من محل إلى آخر في الجوف وظهورا حتى لا يفسد الصوم بإدخال الماء فيه فراعينا الشبهين فلا ينقض القليل ملاحظة للبطون وينقض الكثير للآخر لأنه يخرج ظاهرا إذا لم يضبطه ألا بتكلف وقيل أن يزيد على نصف الفم وقيل أن يعجز عن إمساكه وقيل أن يمنعه الكلام وقيل أن يجاوز الفم والأصح ما في الكتاب قوله بين المسلكين يعنى السبيلين وغيرهما قوله وهو الصحيح احتراز عن قول محمد إنه نجس وكان الإسكاف والهنداونى يفتيان بقوله وجماعة اعتبروا قول أبى يوسف رفقا بأصحاب القروح حتى لو أصاب ثوب أحدهم أكثر من قدر الدرهم لا تمتنع الصلاة فيه مع أن الوجه يساعد لأنه ثبت أن الخارج بوصف النجاسة حدث وأن هذا الوصف قبل الخروج لا يثبت شرعا وإلا لم يحصل لإنسان طهارة فلزم أن ما ليس حدثا لم يعتبر خارجا شرعا وما لم يعتبر خارجا لم يعتبر نجسا فلو أخذ من الدم البادى في محله بقطنة وألقىء في الماء لم يتنجس قوله وما يتصل به قليل والقليل في القىء غير ناقض وعلى هذا يظهر ما فى المجتبى عن الحسن لو تناول طعاما أو ماء ثم قاء من ساعته لا ينتقض لأنه طاهر حيث لم يستحل وإنما أتصل به قليل القىء فلا يكون حدثا فلا يكون نجسا وكذا الصبى أذا ارتضع وقاء من ساعته قيل هو المختار وما في القنية لو قاء دودا كثيرا أو حية ملأت فاه لا ينقض ولو قاء بلغما وطعاما إن كانت الغلبة للطعام وكان بحال لو انفرد يبلغ ملء الفم تنتقض طهارته وإن كان بحال لو انفرد البلغم ملأه فعلى الخلاف وإن كانا سواء لا ينقض كذا في الخلاصة
وفي صلاة المحسن قال العبرة للغالب ولو استويا يعتبر كل على حدة وعجز هذا أولى من عجز ما في الخلاصة
هذا وكان الطحاوى يميل إلى قول أبى يوسف بناء على أنه نجس لأنه أحد الأركان كالدم والصفراء ويكره أن يأخذ بطرف كمه
Bogga 46