وأما حديث الوضوء من كل دم سائل فرواه الدارقطنى من طريق ضعيفة ورواه ابن عدى في الكامل من أخرى وقال لا نعرفه إلا من حديث أحمد بن فروخ وهو ممن لا يحتج بحديثه ولكنه يكتب فإن الناس مع ضعفه قد احتملوا حديثه اه لكن قال ابن أبي حاتم في كتاب العلل قد كتبنا عنه ومحله عندنا الصدق وقد تظافر معه حديث البخارى عن عائشة جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إليه صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إنى امرأة استحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة قال لا إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة وإذا أدبرت فاغسلى عنك الدم قال هشام بن عروة قال أبى ثم توضىء لكل صلاة حتى يجىء ذلك الوقت واعترض بأنه من كلام عروة ودفع بأنه خلاف الظاهر وأيضا لو كان لقال تتوضأ لكل صلاة فلما قال توضىء على مشاكلة الأول المنقول لزم كونه من قائل الأول وهذا لأن لفظ اغسلى خطاب النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة وليس عروة مخاطبا لها ليكون قوله ثم توضىء خطابا منه لها فلزم كونه من المخاطب
بالأول وهو النبي صلى الله عليه وسلم
وقد رواه الترمذى كذلك ولم يحمله على ذلك ولفظه وتوضىء لكل صلاة حتى يجىء ذلك الوقت وصححه
وما رواه الدارقطنى من أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وصلى ولم يتوضأ ولم يزد على غسل محاجمه فضعيف
وأما حديث من قاء أو رعف إلى آخره فرواه ابن ماجه عن إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن ابن أبى مليكة عن عائشة قال صلى الله عليه وسلم من أصابه قىء أو رعاف أو قلس أو مذى فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على صلاته وهو في ذلك لا يتكلم
ولفظ ثم ليبن على صلاته مالم يتكلم رواة الدارقطنى
وقال الحفاظ من أصحاب ابن جريج يروونه عن ابن جريج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا انتهى
وقد تكلم في ابن عياش
وجملة الحاصل فيه أنه يحتج من حيث الشاميين لا الحجازيين وأخرجه البيهقى من جهة الدارقطنى عن ابن جريج عن أبيه عنه صلى الله عليه وسلم مرسلا وقال هذا هو الصحيح ثم نقل عن الشافعي أنه بتقدير الصحة يحمل على غسل الدم لا وضوء الصلاة ودفع بأنه غير صحيح وإلا لبطلت الصلاة فلم يجز البناء
وابن عياش قد وثقه ابن معين وزاد في الإسناد عن عائشة والزيادة من الثقة مقبولة والمرسل عندنا وعند جمهور العلماء حجة وسيأتى زيادة فيه من الآثار في باب الحدث في الصلاة فإن المصنف أعاده فيه والأفصح في رعف الفتح والقلس الخارج من الغثيان والقىء مع سكون النفس يكون
وقد أخرج أبو داود والترمذى والنسائى عن حسين المعلم بسنده إلى معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء أنه صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ قال فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت ذلك له فقال صدق أنا صببت له وضوءه قال الترمذى وهو أصح شيء في هذا الباب
وأعله الخصم بالاضطراب فإن معمرا رواه عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش عن خالد بن معدان عن أبى الدرداء ولم يذكر فيه الأوزاعى
وأجيب أن اضطراب بعض الرواة لا يؤثر في ضبط غيره
Bogga 40