وأما الوجه فمنه أن الوضوء لا يقع بلا نية إلا بالفعل مع الغفلة والذهول إذ الفعل الاختيارى لابد في تحقيقه من القصد إليه وهو إذا قصد الوضوء أو رفع الحدث أو استباحة مالا يحل إلا به كان منويا حتى أن صورة الخلاف إنما تتحقق بيننا وبين الشافعي في نحو من دخل الماء مدفوعا أو مختارا لقصد التبرد أو مجرد إزالة الوسخ ووقوع مثل هذه الحالات له صلى الله عليه وسلم قد لا يتحقق ولو تحقق في بعضها لا ينفى السنية لأنها لو لم تقترن بالترك أصلا كان واجبا وسنذكر الوجه العام للثلاثة قوله لأنه عبادة فلا تصح بدون النية لقوله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات متفق عليه أى صحتها واعتبارها شرعا بالنيات والمراد العبادات لأن كثيرا من المباحات تعتبر شرعا بلا نية كالطلاق والنكاح قوله ولنا قول بالموجب أى سلمنا أن كل عبادة بنية والوضوء لا يقع عبادة بدونها وبذلك قضينا عهدة الحديث وليس الكلام في هذا بل في أنه إذا لم ينو حتى لم تقع عبادة سببا للثواب فهل يقع الشرط المعتبر للصلاة حتى تصح به أو لا ليس في الحديث دلالة على نفيه ولا إثباته فقلنا نعم لأن الشرط مقصود التحصيل لغيره لا لذاته فكيف حصل المقصود وصار كستر العورة وباقي شروط الصلاة لا يفتقر اعتبارها إلى أن تنوى فمن أدعى أن الشرط وضوء هو عبادة فعليه البيان قوله بخلاف التيمم لأن التراب لم يعتبر شرعا مطهرا إلا للصلاة لا في نفسه فكان التطهير به تعبدا محضا وفيه يحتاج إلى النية أو هو أي التيمم ينبىء لغة عن القصد فلا يتحقق دونه بخلاف الوضوء ففسد قياسه على التيمم وفي كل الوجهين نظر نذكره في التيمم إن شاء الله تعالى
والصواب إفساده بما هو متفق عليه من أن شرط القياس أن لا تكون شرعية حكم الأصل متأخرة عن حكم الفرع وإلا لثبت حكم الفرع بلا دليل وشرعية التيمم متأخرة عن الوضوء فلا يقاس الوضوء على التيمم في حكمه لكن هذا إذا قصد القياس أما إذا قصد الاستدلال بمعنى لما شرع التيمم بشرط النية ظهر وجوبها في الوضوء فهو بمعنى لا فارق فليس جواب إلا به كما في الكتاب قوله ولنا أن أنسا الخ غريب وعزاه بعضهم إلى معجم الطبرانى عن راشد أبي محمد الحمانى قال رأيت أنسا بالزاوية فقلت أخبرنى عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه بلغنى أنك كنت توضئه وساق الحديث إلى أن قال ثم مسح برأسه مرة واحدة غير أنه أمرهما على أذنيه فمسح عليهما
Bogga 33