Sharaxa Diwaanka Mutanabbi
شرح ديوان المتنبي
Noocyada
إذا غامرت في شرف مروم
فلا تقنع بما دون النجوم
ثم رجع أبو العشائر إلى إنطاكية، وكان أبو الطيب عاد إلى الرملة، فلما سمع بقدومه خرج يقصده، فلما غدا بطرابلس أراده إسحاق بن كيغلغ على مدحه - وكان جاهلا - وكان بعض الناس قد أغروه به، وقالوا: إنما يترك مدحك استصغارا لك، فلما راسله يستمدحه احتج أبو الطيب بيمين ألا يمدح أحدا إلى مدة، فأخذ عليه الطرق حتى تنقضي المدة، فهجاه أبو الطيب بقصيدة أملاها على من يثق به، ولما ذاب الثلج عن لبنان خرج إلى دمشق، وأتبعه ابن كيغلغ خيلا ورجلا فأعجزهم، ثم ظهرت القصيدة، وقد أقذع فيها المتنبي وأفحش إلى جانب ما أودعها من الحكمة الرائعة.
ولما بلغ الشاعر إنطاكية، لقي أبا العشائر ومدحه بقصيدتين وثماني قطع. •••
وأراد الله للشاعر الكبير أن يلقى ممدوحه الكبير، وأن يمتزج تاريخهما على مر العصور والأيام، فقد كان أبو العشائر بن حمدان واليا على إنطاكية من قبل سيف الدولة، فلما قدم الأمير إنطاكية سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، قدم أبو العشائر إليه أبا الطيب، وأثنى عليه، ولم يشأ أبو الطيب أن يمدح الأمير إلا بعد أن اشترط عليه ألا ينشده وهو واقف، وألا يقبل الأرض بين يديه، فقبل سيف الدولة شروطه، وكانت مما تميز به المتنبي على الشعراء جميعا، ومما أوحت به إليه نفسه الطموح التي لا تقبل الهوان، فقد تعود أن يتخذ من ممدوحيه أصدقاء له وصحابا، وكان سيف الدولة سمح النفس كريم الخلق، فمن الهين عليه أن يتخذ المتنبي صديقا صدوقا، وأن يكون هو له نعم الصاحب أيضا، فهو الشاعر المجيد الذي يستطيع أن يشيد بمآثره، ويخلد بطولته، كما رأى المتنبي أن سيف الدولة هو الأمير العربي الذي يجدر بدرره الغوالي وآياته الخالدات؛ بل إنه لشاعر المجد الذي يبغي مصاحبته شاعر اللفظ والبيان، قال المتنبي:
شاعر اللفظ خدنه شاعر المجد
كلانا رب المعاني الدقاق
وقال:
لك الحمد في الدر الذي لي لفظه
فإنك معطيه وإني ناظم
Bog aan la aqoon