Sharaxa Diwaanka Mutanabbi
شرح ديوان المتنبي
Noocyada
ومدح أبو الطيب في الرملة أيضا أبا القاسم طاهر بن الحسين بن طاهر العلوي، وفي شرح المعري وشروح أخرى: أن ابن طغج سأل الشاعر مدح أبي القاسم مرات عدة، وألح عليه في ذلك كثيرا فكان يمتنع، ثم سأله الأمير قصيدة في أبي القاسم بدل قصيدة كان يريدها لنفسه فرضي أبو الطيب، ولما ذهب الشاعر إلى أبي القاسم ومعه حاشية، وجده في فريق من أشراف قومه يجلس على سريره، وقد نزل لأبي الطيب عن سريره ولقيه بعيدا، وأقبل عليه يحدثه ويؤنسه ويجلسه على سريره، ثم يجلس هو بين يديه، وقد كان ذلك بدعا في المديح حقا، فلم يسمع أحد قبل أبي الطيب أن شاعرا جلس الممدوح بين يديد، وهذه القصيدة هي:
أعيدوا صباحي فهو عند الكواعب
وردوا رقادي فهو لحظ الحبائب •••
ويجمل بنا أن نشير هنا إلى أنه لما غلب العباسيون على أمرهم، وأصبح الخلفاء في أيدي القواد والأمراء، نشأت في قبائل العرب أربع دول: هي بنو حمدان بالموصل وحلب (317-394ه) وبنو مرداس، وبنو المسيب، وبنو مريد، وإنما يعنينا من هذه الدول دولة بني حمدان التغلبيين، التي أنجبت سيف الدولة الحمداني، وتنسب هذه العشيرة إلى حمدان أحد رؤساء بني تغلب، وهو ابن حمدون بن الحارث بن لقمان بن راشد، يقول المتنبي:
وحمدان حمدون، وحمدون حارث
وحارث لقمان، ولقمان راشد
وكان للحمدانيين نفوذ وسلطان إبان الخلافة العباسية منذ سنة 260، وولي أمراؤهم ولايات كثيرة، وكان علي سيف الدولة الحمداني يملك واسطا وما حولها، ثم أخذ لنفسه بسيفه مملكة من الأخشيديين في شمال الشام، واستولى على حلب وحمص سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة كما تقدم، وكانت له وقائع مع الأخشيديين، وقد استولى على دمشق والرملة بعد موت الأخشيد، ثم غلب عليهما، فاصطلح مع الأخشيديين على أن تكون له حلب ولهم دمشق، وتزوج بنت الأخشيد، واستمر له الملك ولذريته حتى أخذه الفاطميون.
وفي تاريخه: أنه صمد للروم يحاربهم عن العرب، فكانت له معهم وقائع قبل أن يملك حلب، فلما استقر له الملك وبسط يده على المدائن كان عليه أن يحمي ذمار ملكه، وأن يناضل عن بني دينه ولغته، وأن يقيم عرشه على السيوف المسلطة والدماء المراقة، وقد استطاع أن يقف وحده عشرين عاما شوكة وخازة في جسم الروم، وسيفا مشهرا يذود عن العروبة والإسلام. لم تمض منها سنة واحدة إلا كان له فيها حروب ونضال، فقدر له النصر مرات عدة، وأوغل في بلادهم سنة 339 حتى قارب القسطنطينية، وقدر له كذلك أن يلقى الهزائم المرة، وكان شر هزائمه واقعة سنة 351 التي زحف فيها الروم على حلب، فذبحوا فيها وقتلوا تقتيلا، ونهبوا دار الأمير وخربوها.
على أن سيف الدولة - الذي أصيب بفالج في يده ورجله سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة - لم يقعده ذلك عن حرب الروم، فثأر منهم، وانتصر عليهم في السنة التالية.
وكان ذلك الأمير الأديب الشاعر شجاعا في انتصاره وهزيمته معا، ماضي العزيمة، عظيم البلاء، وقد توفي في حلب سنة ست وخمسين وثلاثمائة، ودفن في ميافارقين.
Bog aan la aqoon