============================================================
رجال شرح الأنفاس الروحانية أعقبه كثرة الندم، ومن استغنى بالله أمن من العدم، ثم تركني ومضى: وقال: مررت في وادي كنعان ليلا، وإذا بشخص أقبل يقرأ: { وبدا لهم من الله مالم يكونوا يختسبون [الزمر: 47]، فلما قرب إذا به امرأة فقالت: من أنت؟ قلت: غريب، قالت: وهل تجد مع الله غربة، مؤنس الغرباء ومعين الضعفاء، فيكيت فقالت: ما هذا البكاء؟
قلت: قدوقع الدواء على الداء قالت: إن كنت صادقا فلم بكيت؟ قلت: والصادق لا يبكي؟
قالت: لا؛ لأن البكاء راحة القلب وملجأ يلجأ إليه، وما كتم القلب شيئا أحق من الشهيق والزفير، وأما البكاء فهو ضعف.
وقال: كنت على شاطى النيل، فرأيت عقريا، فأردت قتلها فهربت، فوقفت على الشاطى، فركبت على ظهر ضفدعة، فقامت بها حتى وصلت للجانب الآخر فنزلت عن ظهرها، وإذا برجل نائم وهو سكران، وثعبان قد أقبل عليه ليلدغه، فأسرعت العقرب نحر الثعبان فلدغته فتقطع، فأيقظت الرجل، فقام مرعوبا، فأخبرته الخبر، فأطرق ثم قال: يا رب، هكذا تفعل بمن عصاك فكيف بمن أطاعك؟ فوعزتك لا عصيتك أبدا.
وقال: اجتمعت في جبل نيسان بامرأة متعبدة كالشن البالي، كأنها تخبر عن أهل المقابر، فسألتها أين موطنك؟ قالت: مالي وطن إلا النار أو يعفو العزيز الغفار، قلت: هل من وصية؟
قالت: شمر عن ساق الجد، ودع ما يتعلق به البطالون من الرجاء الكاذب الذي لا تحقيق لهم فيه، ولا يدرون كيف العواقب، فو الله لا يرذ غذا المنزل إلا المضمرون.
وقال: ركبت سفينة، فشرقت منها قطيفة، فاتهموا رجلا نائما، فقلت: دعوني أترفق به، وإذا الشاب أخرج رأسه من عباءته وقال: أقسمت عليك بي يا رب لا تدع واحدا من الحيتان إلا أتى بجوهرة، وإذا بوجه الماء كله حيتان في أفواهها الجواهر، ثم ألقى نفسه في البحر، ومر على وجه الماء الساحل كالبرق.
وقال: رأيت شابا عند الكعبة يكثر الركوع والسجود، فقلت له فيه فقال: أنتظر الإذن من ربي بالانصراف، فسقطت عليه رقعة من العزيز الففور إلى عبدي الصادق مغفورا لك.
وقال: مررت في سياحتي برجل عنده عين ماء تجري، فأقمت عليه يوما وليلة فلم يكلمني ثم قال: رأيتك يا بطال حين أقبلت لكن ما ذهب ووعك من قلبي إلى الآن، قلت: ما الذي أفزعك مني؟ قال: بطالتك في يوم عملك، وشغلك في يوم فراغك، وتركك الزاد ليوم
Bogga 36