============================================================
رجال شرح الأنفاس الروحانية القلوب، وما تحويه من جلال عظمتك، احجبني عن القاطعين لي عنك.. ثم غاب فلم آره.
وقال: رأيت في جبل لبنان رجلا أغبرا نحيفا يصلي، فسلمت فرد، فما زال راكفا ساجذا حتى صلى العصر، ثم استند إلى حجر ولم يكلمني فقلت: ادع لي فقال: آنسك الله بقربه، قلت: زدني، قال: من آنسه الله بقربه أعطاه أربعا: عزا من غير عشيرة، وعلما من غير طلب، وغنى بغير مال، وأنسا بغير جماعة، ثم شهق فلم يفق إلا بعد ثلاث فقال: انصرف عني بسلام، قلت: أوصني قال: أحبب مولاك ولا ترد بحبه بدلا: وقال: بينما أنا أسير في جبال أنطاكيا إذا بجارية كأنها مجنونة عليها جبة صوف، فسلمت فردت وقالت: ذا النون.. قلت: كيف عرفتني؟ قالت: بمعرفة حب الحبيب، ثم قالت: ما السخاء؟ قلت: البذل والعطاء، قالت: هذا سخاء الدنيا فما سخاء الدين؟ قلت: المسارعة إلى طاعة الرب العالمين، قالت: فإذا سارعت إلى طاعته فهو أن يطلع على قلبك وأنت لا تريد منه شيئا، ويحك، إني أريد أن أطلب منه شيئا منذ عشرين سنة فأستحي منه خافة أن أكون كأجير السوه إذا عمل طلب الأجر، لكن اعمل عظيما لهيبته وعز جلاله.
وذهبت وتركتني وقال: رأيت في تيه بني إسرائيل سوداء قد استبلها الوله من حب الرحمن، شاخصة ببصرها نحو السماء، فقلت: السلام عليك يا أختاه، قالت: وعليك السلام ياذا النون، قلت: من أين عرفتني؟ قالت: يا بطال، إن الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، ثم أدارها حول العرش، فما تعارف منها اثتلف وما تناكر منها اختلف، فعرفت روحي روحك في ذلك الجولان قلت: أراك حكيمة، فعلميني ما علمك الله، قالت: يا أبا الفيض، ضع على جوارحك ميزان القسط حتى يذوب كل ما كان لغير الله، ويبقى القلب مصفى لا شى فيه غيره، فحينئذ يقيمك على الباب، ويوليك ولاية جديدة، ويأمر الخزان لك بالطاعة، قلت: زيديني، قالت: خذ من نفسك لنفسك، واطلع الله إذا خلوت يجيبك إذا دعوت والسلام.
وقال: كنت في جبل الكام، فرأيت رجلا قاعذا مطرقا، فقلت: ما تصنع هنا؟ قال: أنظر وأرعى، قلت: ما أرى عندك إلا الأحجار، فما الذين تنظره وترعاه؟ فنظر إلى مغضبا، وقال: أنظر خواطر قلبي وأرعى أوامر ربي، فبحق من أطلعك علي ألا رحت عني، قلت: كلمني بشيء أنتفع به وأذهب، قال: من لزم الباب أثبت من الخدم، ومن اكثر ذكر الذنوب
Bogga 35