59

Sharh Alfiyyah Ibn Malik li-Hazmi

شرح ألفية ابن مالك للحازمي

Noocyada

ذكرنا أنه اختلف فيه: هل هو تمثيل فقط أو تتميم للحد أيضًا؟ قال الأشموني هنا: يجوز في قوله: كاستقم، أن يكون تمثيلًا وهو الظاهر، يعني: أنه مثال فقط، ليس تتميمًا للحد، لماذا؟ قال: وإنما كان ظاهره التمثيل فقط؛ لأن الناظم اقتصر في شرح الكافية على ذلك في حد الكلام، والألفية خلاصة الكافية، فلما أنه لم يشترط القصد في الكلام عندما عرف الكلام في الكافية وهي أصلها .. أصل الألفية، لما اختصرها يبقى على الأصل: أنه لم يشترطه، فإذا كان ثم ما يوهم الاشتراط حينئذٍ رجعنا إلى الأصل، وهذ طريقة الأشموني في أول الكتاب إلى آخره: أنه إذا أشكل شيء في الألفية رجع إلى الكافية؛ لأنها أصلها.
لكن لا، قد يقال: بأنه قد يخالف، ولذلك ذكرنا أنه في حد الكلام هنا اختار اللفظ، وهناك اختار القول، وثم فرق بين الاختيارين، قد يكون رجع أو صحح أو نحو ذلك، إن ثبت أنه انتهى من الكافية ثم مباشرةً اختصرها قد يقال بما ذهب إليه الأشموني، وأما إذا جلس وقتًا وزمن وفاصل حينئذٍ قد يكون رجع عن بعض أقواله وصحح ما قد يميل إليه في الكافية.
هنا لم يذكر التركيب والقصد نظرًا إلى أن الإفادة تستلزمهما؛ لأن المفيد الفائدة المذكورة لا يكون إلا مركبًا كما ذكرناه، ولا ترد الأعداد المسرودة لما تقدم من أن المراد بالإفادة الدلالة على النسبة الإيجابية والسلبية، وحسن السكوت .. سكوت المتكلم يستدعي أن يكون قاصدًا لما تكلم به، لكنه في التسهيل صرح بهما، يعني: بالتركيب والقصد، وهذا أولى على من اشترطه؛ لأن الحدود لا تتم بدلالة الالتزام.
ولذلك جعل ابن الناظم قوله: كاستقم، تتميمًا للحد، أي: من جهة الدلالة به على أمرين يتضمنهما معتبرين في الكلام، أي: وتمثيلًا أيضًا من جهة الإيضاح به للمحدود لا تمثيلًا فقط، وعلى كونه تتميمًا للحد كاستقم، ما إعرابه؟ إذا قيل: كونه تتميمًا للحد، أو مجرد تمثيل على قول ابن الناظم، حينئذٍ: كاستقم جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، وذلك كاستقم.
وأما إذا جعل تتميمًا للحد حينئذٍ لا بد من متعلق يتعلق به، يجعل إما صفةً للفظ أو لمفيد، والثاني محل نزاع، يعني: لا بد أن يجعل متممًا للحد، فنقول: كلامنا لفظ، كلامنا: مبتدأ، ولفظ: خبر، مفيد: نعت للفظ، كاستقم: على أنه تتميم للحد تقول: جار ومجرور، متعلق بمحذوف صفة، إما للفظ أو لمفيد، وجعله للفظ أولى، ولذلك هناك في البسط يقدمون التركيب على المفيد، فيقولون: الكلام هو اللفظ المركب المفيد، وهذا أجود، لماذا؟ لأنه بالمفيد أخرج بعض المركب الذي هو ليس بالمفيد، أو أخرج المهمل من المركبات إن سلم بوجود مهمل في المركبات؛ لأن اللفظ المفرد كما سبق معنا: أن اللفظ يكون مهملًا ويكون مستعملًا، مهمل ومثلنا له بـ: ديز، هذا موجود قطعًا في المفردات، وهل هو موجود في المركبات؟ محل نزاع بين أهل اللغة، هل هو موجود أم لا؟ إن سلمنا بوجوده حينئذٍ نحتاج إلى إخراجه، إن لم نسلم بوجوده فحينئذٍ لا نحتاج إلى إخراجه، والشيخ الأمين ﵀ في نثر الورود قال بوجوده ومثل له بكلام الهذيان.
إذًا: وعلى كونه تتميمًا للحد كاستقم: ظرف مستقل، نعت ثان للفظ.

4 / 8