Sharh Alfiyyah Ibn Malik li-Hazmi
شرح ألفية ابن مالك للحازمي
Noocyada
الأول: نعم، وجزم به ابن مالك فلا يسمى ما ينطق به النائم كلامًا كما ذكرنا، وعلى هذا يزاد في الحد مقصود، وهل أراده ابن مالك هنا في هذا الحد الذي ذكره في الألفية؟ قيل: نعم أراده، إما بتضمين أو استلزام المفيد للقصد، وإما بجعلك استقم متممًا للحد والمراد به القصد، يعني: له وجهان، في إدخال هذا الشرط في كلام ابن مالك رحمه الله تعالى، قيل: لفظ مفيد ولا يكون مفيدًا إلا إذا حسن السكوت، ومتى يحسن السكوت؟ إذا قصده المتكلم، إذًا: صار مقصودًا، وقيل: لا، المفيد لا يدل عليه، وإنما يجعل متعلق كاستقم، شرطًا لاشتراط القصد في حد الكلام، وقلنا: هذا فيه تكلف، وعلى هذا يزاد في الحد مقصود، والثاني لا، يعني: لا يشترط القصد، وصححه أبو حيان؛ لأن المراد بالكلام النسبة الإيجابية أو السلبية فحسب، ولا نظر للنحاة فيما عدا ذلك البتة، فكل ما كان خارجًا عن اللفظ والمعنى ليس بمقصود، ولا علاقة له في صحة الكلام وعدمه، بل النظر إلى الفعل والفاعل والمبتدأ والخبر.
وهل يشترط فيه اتحاد الناطق؟ قولان: اتحاد الناطق، يعني: المتكلم واحد، أنا أقول: زيد، هذا يقول: قائم، أنت تسمعه، هل هذا كلام أم لا؟ هذا فيه خلاف: إن اشترطنا اتحاد الناطق المتكلم أن يكون واحدًا، المسند والمسند إليه صدرا من متكلم واحد حينئذٍ لا يسمى كلامًا، فإن لم تشترط حينئذٍ يسمى كلامًا .. إذا لم نشترط اتحاد الناطق يسمى كلامًا، هل يشترط فيه اتحاد الناطق؟ قولان:
الأول: نعم، يشترط ذلك، فلو اصطلح رجلان على أن يذكر أحدهما فعلًا والآخر فاعلًا، اصطلحا، أنا أقول: قام، وأنت تقول: زيد، أو مسند مبتدأ، مثلًا يقول: زوجتي، الثاني يقول: طالق، حينئذٍ تقع مشكلة، فلو اصطلح رجلان على أن يذكر أحدهما فاعل والآخر فعل أو مبتدأ والآخر خبر لم يسم ذلك كلامًا؛ لأن الكلام عمل واحد، فلا يكون عامله إلا واحدًا.
وعلى هذا يزاد في الحد: من ناطق واحد.
والثاني: لا يشترط، وصححه ابن مالك وأبو حيان، كما أن اتحاد الكاتب لا يعتبر في كون الخط خطًا، والصحيح في هذه المسألة أنه لا يتصور فيه افتراق الناطق البتة، هذا غير متصور، ولذلك قال ابن أم قاسم في شرحه على الألفية: صدور الكلام من ناطقين لا يتصور .. صدور الكلام من متكلمين ناطقين لا وجود له؛ لأن كل واحد منهما إنما اقتصر على كلمة واحدة اتكالًا على نطق الآخر بالأخرى، فهي مقدرة في كلامه، يعني: لو قلت: أنا أقول الفاعل، أو الفعل، وأنت تقول: الفاعل، إذا قلت: قام، أنا نويت الكلمة الثانية، وأنت إذا قلت: زيد، فقد نويت الكلمة الأولى وهي: قام، إذًا: لا يتصور وجوده من واحد.
وعليه لو اشترط اتحاد الناطق، قيل: يشترط أو لا يشترط، لو قال أحدهم: زوجتي، وقال الثاني: طالق، تطلق أو لا؟ هذا كما ذكرناه في النائم، والمجنون إذا قال: زوجتي طالق، لا تطلق، لماذا؟ لعدم وجود القصد، لكن القصد اعتباره هنا من جهة الشرع لا من جهة اللغة، كذلك في هذا المثال الذي ذكرناه.
فقول الناظم رحمه الله تعالى: كاستقم، هنا .. كلامنا لفظ مفيد كاستقم:
4 / 7