Sharh al-Tajrid al-Sarih li-Ahadith al-Jami' al-Sahih - Abdul Karim al-Khudair

Abdul Karim Al-Khudair d. Unknown
157

Sharh al-Tajrid al-Sarih li-Ahadith al-Jami' al-Sahih - Abdul Karim al-Khudair

شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - عبد الكريم الخضير

Noocyada

وفي علوم الحديث من ألفاظ الجرح عندهم الكذب والتهمة بالكذب، فالكذب المراد به الكذب على النبي ﵊، والتهمة بالكذب كون الراوي جُرب عليه الكذب، لكن لا على النبي ﵊ بل في حديثه مع الناس، هذا يقال له: متهم بالكذب؛ لأن المراد بالكذب الذي هو شر أنواع الجرح وأسوأ مراتب التجريح، المراد به على النبي ﵊ الذي جاء الوعيد عليه، ودونه التهمة بالكذب، بأن يثبت بأن هذا الراوي يتعاطى الكذب في كلامه العادي مع الناس، لكن لم يثبت عنه أنه كذب على النبي ﵊ وحينئذٍ يكون متهمًا بالكذب. قال هرقل: "فهل يغدر؟ " بكسر الدال أي ينقص العهد، قال أبو سفيان: "قلت: لا، ونحن منه -أي النبي ﵊ في مدة" أي مدة صلح الحديبية، أو غيبةٍ وانقطاع، فلا ندري ما هو فاعل فيها، أي في المدة، وفي قوله: "لا ندري" إشارة إلى عدم الجزم بغدره، هذه الكلمة لم يمكن أبو سفيان أن يدخل من أجل الطعن بالنبي ﵊ إلا في هذه أو من خلال هذه الكلمة، يقول: "لا ندري ما هو فاعل فيها" ولذا لم يلتفت إليها هرقل، قال أبو سفيان: "ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئًا أنتقصه به غير هذه الكلمة"، قال في الفتح: "التنقيص هنا أمر نسبي؛ لأن من يقطع بعدم غدره أرفع رتبةً ممن يجوز وقوع ذلك منه في الجملة كأن في كلام أبي سفيان تجويز الغدر منه ﵊، هو لم يقع منه، ولم يثبته أبو سفيان جازمًا، وإنما جوز أن يغدر في هذه المدة التي لا يدرى ما هو صانع فيها. وقد كان النبي ﵊ معروفًا عندهم بالاستقراء من عادته أنه لا يغدر، ولكن لما كان الأمر مغيبًا لأنه مستقبل أمن أبو سفيان أن ينسب في ذلك إلى الكذب، يعني لو نسب إلى الكذب قال: هذا مجرد توقع، فلذلك أورده على التردد، ومن ثم لم يعرج هرقل على هذا القدر منه.

5 / 8