Sharh Al-Qawa'id Al-Sab' Min Al-Tadmuriyyah
شرح القواعد السبع من التدمرية
Noocyada
ما كان جائزًاَ لله تعالى من الصفات وجب له
وقوله: (وما جاز لواجب الوجود قابلًا، وجب له؛ لعدم توقف صفاته على غيره):
هذا هو الإغلاق، (وما جاز) أي: ما فرضتموه جائزًا -أي: ممكنًا- (لواجب الوجود) أي: لله ﷾، (وجب له) لماذا؟ قال: لعدم توقف صفاته على غيره؛ لأنه الأول، بخلاف المخلوق، فإنه يمكن أن يكون قابلًا للعلم وليس بعالم؛ لأن صفة العلم في المخلوق متوقفة على غيره، فإنه لابد أن يحصل هذا العلم، ووجود المخلوق ليس واجبًا؛ لأن وجوده متوقف على غيره، وهو إيجاد الخالق له.
إذًا: فصفات المخلوق الممكن تكون ممكنة، بخلاف صفات الخالق ﷾، وهو واجب الوجود، فإن صفاته تكون واجبةً.
وقوله: (فإذا جاز القبول وجب، وإذا جاز وجود المقبول وجب):
(فإذا جاز القبول) أي: جاز قبوله للصفات، (وجب) أي: وجب وتحقق ثبوت الصفات، وإذا جاز وجود المقبول من الصفات أيضًا كان هذا واجبًا.
وهذا من باب المناظرة، وإلا فإن المذهب الذي تقوله أئمة النفاة هو أنه ليس قابلًا؛ ولذلك لو فرض أن في القرآن دليلًا على نفي صفة من الصفات، ولا سيما الصفات المتعلقة بإرادة الرب ﷾ ومشيئته، فإن هذا النفي لا يدل على امتناع تلك الصفة.
مثال ذلك: صفة الرؤية، فإن المعتزلة يقولون: إن الله لا يرى في الآخرة، ولا يراه المؤمنون، ويستدلون بقوله تعالى: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ﴾ [الأنعام:١٠٣] وهنا أحد جوابين: إما أن يقال: إن الآية لا تدل على ذلك، والإدراك قدر زائد على الرؤية؛ بل إن الآية تدل على الرؤية
إلخ.
وإما أن يقال: لو فرضنا جدلًا أن قوله تعالى: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ﴾ [الأنعام:١٠٣] يقصد به نفي الرؤية، فهل الآية نفت وقوع صفة الرؤية، أم أنها نفت القبول لهذه الصفة؟ الجواب: أنها نفت الوقوع؛ ولذلك فإن حقيقة غلاة المتكلمين الأوائل الذين ينفون رؤية الله ﷾ أنهم لم يحصلوا هذا المذهب من القرآن على التحقيق؛ لأن القرآن لو فُرِضت دلالته لكان نافيًا، بخلاف مذهبهم، فإنهم يقولون بالامتناع، ومعلوم أن الذي يثبت امتناعًا ليس بحاجة إلى نص يدل على النفي؛ لأن النفي أقل درجة من الامتناع.
10 / 20