============================================================
المرصد الرابع- في إثبات العلوم الضرورية الحس لا يعتبر في الكليات، ولا في الجزئيات (أن لا يجزم العقل) بحكم كلي أو جزئي (بمجرده) أى بمجرد الحس والإحساس به أما في الكلي فلعدم تعلق الحس بجميع الأفراد، وأما في الجزئي فلأنه قد يغلط فيه (و) نحن (نقول به) فإن جزم العقل ليس يحصل في الكليات، ولا في الجزثيات بمجرد الإحساس بالحواس، بل لا بد مع ذلك من أمور اخر توجب الجزم كما مر، فإذا لم توجد تلك الأمور في بعض الصور لم يكن من العقل جزم، وكان احتمال الخطأ هناك قائما (لا أن لا يوثق بجزمه) أي بجزم العقل (بما جزم به) من الأحكام الكلية أو الجزئية على المحسوسات بحصول تلك الأمور مع الإحساس في هذه الصور، وكيف لا يوثق بجزمه هاهنا؟ مع أن بديهته شاهدة بصحته واتتفاء الغلط عنه كما في قولنا الشمس مضيئة والنار حارة (وكونه محتملا) هو مرفوع عطفا على أن لا يوثق أي لا عدم الوثوق بجزمه، وكون جزمه محتملا للغلط وتوهم كونه مجرورا معطوفا على بجزمه أي لا أن لا يوثق بكون الجزم محتملا للحصول في بعض المحسوسات، بأن تنضم فيه إلى الحس أمور توجب الجزم باطل قطعا، إذ لا فائدة في هذا الموضع لذكر كون الجزم محتملا للرجود، ولا لعدم الوثوق بذلك الاحتمال (الفرقة الثالثة القادحون في البديهيات فقط) أى لا في الحسيات فإنهم معترفون بها (قالوا: هي أضعف من قوله: (مع أن بديهته إلخ) فلا يحتاج في انتفاء الغلط فيما جزم به إلى ييان الأمور الثلاثة المذكررة: قوله: (اي لا عدم الوثوق إلخ) اي ليس مقتضى ما ذكر عدم الوثوق بما جزم، وليس مقتضاه كونه محتملا للغلط فيما جزم به.
قوله: (إذ لا فائدة إلخ) إذ المقصود إثبات الجزم والوثوق به .
قوله: (أضعف من الحسيات) يعني الضعف الذي في الحسيات بناء على عروض الغلط في بعضها موجود في البديهيات لكونها فرعها مع الضعف الذي في نفسها، كما يدل عليه الشبهة الآتية فصيقة التفضيل بمعناه، وما قيل أن أفعل هاهنا بمعنى آن صاحبه متباعد عن الغير في أصل الفعل متزايد في كماله، لا بمعنى تفضيله بالتسبة إليه، فيرد عليه لزوم استعمال أفعل بدون الأمور الثلاثة، وتقدير المفضل عليه هاهنا غير ظاهر قوله: (أن لا يجزم العقل بمجرده) فإن قلت : الجزم بياض الثلج مما لا يسمع إنكاره قلت : الحق أن الحكم ببياضه ظن قوى لا يخطر معه تقيضه بالبال لا جزم.
قوله: (فلعدم تعلق الحس بجميع الأفراد) قد اشرنا إلى أن احتمال غلط في الجزئي يستلزم احتمال غلطه في الكلي، لكن عنه مندوحة بما ذكر فلذا لم يذكره.
قول: (قالوا: هي أضعف من الحسيات) فإن قلت : افعل التفضيل يدل على قولهم بضعف الحسيات، مع أنهم قائلون بقطعيتها قطعا، ولا يجوز التجريد عن المعنى التفضيلي لمكان
Bogga 152