============================================================
المرصد الرابع في إثبات العلوم الضرورية (وقولهم سببه) أي سبب أنا نراه أبيض (مداخلة الهواء) المضيء بالأ شعة الفائضة من الأجرام النيرة (للأجزاء الشفافة) المتصغرة جدا (وتعاكس الأضواء من سطوحها الصغار) بعضها إلى بعض، فإن الضوء المنعكس يرى كلون البياض، الا ترى أن الشمس إذا أشرقت على الماء وانعكس شعاعها منه إلى الجدار يرى الجدار كأنه أبيض فإذا كثر الانعكاس بين الأجزاء الرشية جدا تخيل ما على سطوحها من الضوء بياضا في الغاية (من النمط الأول) أى من قبيل بيان أسباب الغلط، وقد عرفت أنه لا فائدة فيه على ما قرره (وأظهر منه) اى من الثلج في الدلالة على غلط الحس (الزجاج المدقوق) دقا ناعما، فإنه يرى أبيض ولا بياض هناك (و) إنما كان اظهر لأنه (لم يحدث له مزاج يحدث) ذلك المزاج (البياض) المشروط به عندهم (فإن أجزاءه صلبة يابسة) ومتفقة في الصور والكيفيات (لا تفاعل بينها) لعدم الالتعاق، واتفاق الضورة والكيفية، فكيف يتصور حدوث المزاج فيه؟ مع كونه مشروطا عندهم بالتفاعل، وأما الشلج ففيه اجزاء مائية وهوائية، فجاز آن يتوهم فيما بينهما تفاعل (وأظهر منهما) في الدلالة على غلط الحس (موضع الشق من الزجاج الشخين الشفاف) فإنه يرى ابيض ولا بياض هناك قطعا (إذ ليس ثمة إلا الزجاج والهواء لمحتقن) في ذلك الشق (وشيء منهما غير ملون) أي ليس شيء منهما بملون، وإنمسا كان أظهر منهما إذ ليس هناك أجزاء متصغرة يتوهم تفاعلها (والجواب) عن شبه هذه الفرقة (أن مقتضاه) أي مقتضى ما ذكرتم من الشبه الدالة على أن حكم قوله: (المشروط به عندهم) قإنهم ذهبوا إلى ان المزاج شرط في حدوث الألوان، ولا يحدث في البسائط:.
قوله: (مع كونه مشروطا الخ) على ما هو المذهب المشهور، وإن ذهب بعض إلى أن التفاعل ليس بشرط، بل مجرد الاجتماع في العناصر يوجب استعداد فيضان الكيفية المتوسطة التي هي المزاج، وإن لم يكن بينهن تفاعل في الكيفيات: قوله: (وأما الشلج الخ) بخلاف تفاعل الأجزاء الزجاجية مع الأجزاء الهوائية بعد الدق، فإنه مستبعد لكونها صلة غير ملتصقة بالأجزاء الهوائية.
قوله: (مشروطا عندهم بالتفاعل) قيل : هذا بناء على المشهور، وإلا فمنهم من ذهب إلى أن التجاور بين الأجزاء المتصغرة جدا وتماسها على أوضاع معينة معد لانخلاع كيفيتها المتضادة وحصول كيفية متوسطة من المبدأ من غير تفاعل منها.
قوله: (إذ ليس هاهنا أجزاء متصغرة) واما في الزجاج المدقوق ففيه تلك، ولهذا قيل إنها يسري فيها بعد الدق الهواء، ويحصل له مزاج آخر والصلابة غير مانعة من التفاعل.
Bogga 151