Sharh al-Aqidah al-Wasitiyyah by Khalid al-Muslih
شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح
Noocyada
الطوائف التي ضلت في إثبات صفة العلو
وقد ضل في هذه الصفة طوائف منها: الجهمية المعطلة الذين قالوا: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه، ولا فوق ولا تحت، ولا يمين ولا شمال، وهذا منهم وصف لله ﷿ بالعدم؛ ولذلك لما قيل لأحد الأمراء هذا الوصف قال: فرق لنا بين هذا الرب الذي تصفه وبين العدم؟ فلم يملك جوابًا؛ وذلك لأن هذه الأوصاف لا تنطبق إلا على العدم، فهي صفات سلبية محضة، لا تفيد ثبوتًا ولا كمالًا، وهذا هو مذهب الجهمية المعطلة، وهو قول كثير من المعتزلة.
الطائفة الثانية التي ضلت في هذا: هم الذين قالوا: إن الله في كل مكان، وهو قول الجهمية الحلولية، وقول غالب المتصوفة، فيعتقدون أن الله ﷿ في كل مكان، ولا شك أن هذا كفر، فهم يعتقدون وجوده ﷾ في الحشوش والأماكن القذرة، وفي أمعاء الكلاب والخنازير، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا! وقد دلت الأدلة على بطلان قولهم، وأنهم قد افتروا على الله كذبًا.
القسم الثالث ممن ضلوا في هذه الصفة: هم الذين قالوا: إن الله فوق العرش بذاته، وهو مع الخلق بذاته، فهؤلاء أثبتوا العلو، وأثبتوا نقيضه، فجعلوه ﷾ بذاته فوق العرش، وبذاته في كل مكان، والفرق بين هذا القول والذي قبله أن الذي قبله لم يصرحوا بأنه فوق كل شيء، وسيأتي مزيد بيان لهذه الصفة إن شاء الله تعالى في كلام الشيخ.
وهذه الصفة مرتبطة بصفة المعية؛ ولذلك إذا ذكر العلو ذكر معه معية الله ﷿ في كلام أهل العلم، وذلك لأن من الناس من توهم أن علوه ﷾ ينافي معيته، وأنه لا يمكن أن يكون عاليًا على كل شيء وهو معهم، وظنوا أن المعية تنافي العلو، وما ذاك إلا لأنهم قاسوا الله ﷿ على ما يعرفونه من أحوال الخلق، ولم يفهموا ما أخبر الله ﷾ عن نفسه.
وقد أجمع أهل العلم على أن من نفى علو الله ﷿ على خلقه فهو كافر، وذلك لتوافر الأدلة في الكتاب والسنة مع الإجماع والعقل والفطرة على وصف الله ﷿ بهذه الصفة، والعلو الذي وقع الخلاف فيه بين أهل السنة وغيرهم هو علو الذات، أما علو القدر وعلو القهر فإنه ثابت له ﷾، ولم يخالف فيه أهل الكلام المخالفون لأهل السنة والجماعة في باب الصفات، فيثبتون علو القدر وعلو القهر، وهم يؤولون العلو الثابت له بهذين، فعلو القدر وعلو القهر يجعلونه المراد في كل موضع وصف الله ﷿ فيه نفسه بالعلو.
10 / 4