يخاطب الأعشى بهذا الشعر عمير بن عبد الله بن المنذر بن عبدان، وهو من بني تغلب. يقول له: لا تعتصم من هجائي بشيْ. ولا يمكنك دفعه، وإن جعلت في قرر الأرض، وأصعد بك إلى السماء ليلحقك من هجائي ما لا تطيقه.
والجب: البئر القديمة، ووصفها بأن طولها ثمانون قامة. وأسباب السماء: المواضع التي يوصل إلى السماء منها، أراد ورقيت إلى أسباب السماء، فحذف حرف الجر، وعدى الفعل إلى الأسباب.
ولم يرد: لئن كنت في جب ورقيت أسباب السماء في حالة واحدة؛ وإنما يريد: لئن
كنت في جب في حال، ولئن رقيت في حال أخرى ولم يمكنه أن يقول أو رقيت لأجل الشعر.
والاستدراج: العمل في إيقاع الإنسان في بلية ما كان يشعر بها، وتهره: تكرهه، وأراد القول. والمحرم: الداخل في الشهر الحرام، وهو الداخل في البلد الحرام، وهو المحرم بالحج: وهو الذي له حرمة وذمام.
يقول: لست أمتنع من هجاءك في حال من الأحوال، كما يمتنع الذي يدخل في الشهر الحرام أو البلد الحرام؛ أن يقاتل إنسانا أو يؤذيه.
و(تشرق) منصوب معطوف على (تهرة) ومعنى تشرق ينقطع في حلقك، يريد إنه ينقطع كلامك حتى لا تقدر على أن تتكلم؛ بما تسمعه من هجائي لك، كما شرقت صدر القناة. يريد أن الدم إذا وقع على صدر القناة وكثر عليها؛ لم يتجاوز الصدر إلى غيره لأنه يجمد عليه. فأراد أن كلامه يقف في حلقة كما يقف الدم على صدر القناة فلا يذهب.
والشاهد إنه أنث (شرقت) والفعل للصدر، لأنه مضاف إلى القناة وهو بعضها.
1 / 42