ثم أوحى الله عز وجل إلى السماء السابعة أني أرسل روح محمد صلى الله عليه وسلم لمبارزة نمرود فاتبعوه، فضربوا طبل العظمة بسوط الجلالة وشخصوا بالتكبير والتهليل والتقديس، ثم أوحى كذلك إلى كل سماء، ثم أوحى إلى الأرضين كذلك، ثم أوحى إلى الميزان كلها كذلك، ثم إلى الموات أن اتبعوا روح محمد صلى الله عليه وسلم، فلما دنا من نمرود، كبر، وكبر بتكبيره الملائكة وجميع خلق الله عز وجل من الحيوان والموات، فلم يبق فارس على ظهر دابته إلا سقط مغشيا إلا نمرود وإبراهيم عليه السلام بين يديه، فقال نمرود: ما أعظم جند ربك إذ سقط الفرسان من أصواتهم من غير رؤيتهم، فكيف إذا رأوهم؟ فينبغي أن تقول لربك حتى يبرز هو إلي وحده كي لا يفسد الخلق، فقال إبراهيم عليه السلام: أي رب أنت أعلم بما يقول هذا- الذين بعثهم إليك، وما بعث إليك إلا أضعف جند هو له، فغشيهم مثل السحاب، فما انجلين إلا عن عظام تلوح منهم ومن دوابهم، قال: فازداد طغيانا إذ لم يمسه ورجع فنام، فأوحى الله عز وجل إلى بعوضة أن: اقرصي شفته السفلى، فقرصتها فحكها فطمرت وتورمت، قال: فدعا الأطباء، قالوا: ما لها دواء إلا أن تشقها، فشقها، فسقطت شقة ههنا وشقة ههنا، ثم أوحى الله عز وجل إليها أن: اقرصي شفته العليا، فقرصتها فطمرت أيضا وتورمت، قال: فدعا الأطباء، فقالوا: ما لها دواء إلا أن تصنع ما صنعت بالشفة السفلى، قال: ففعل ذلك، ثم أوحى الله عز وجل إليها أن: اقرصي أنفه، فقرصته فطمرت أنفه، فدعا الأطباء فقالوا: ما نعلم لها دواء إلا أن تشقها، قال: فشقها، قال: فصار وجهه ستة شقوق، ونام، فأوحى الله عز وجل إليها أن: ادخلي، فقعي على دماغه، وكلي حتى يأتيك أمري، قال:
ففعلت ذلك، قال: فكان أرحم الناس به الذي يدق فوق رأسه ما استطاع، قال: فعمره الله تعالى في ذلك أربعمائة سنة مثل ما ملكه أربعمائة سنة، والبعوض في رأسه، وكانت تأكل حتى صارت مثل الفارة العظيمة.
Bogga 111