لَوْلَا دُعاؤُكم) [الفرقان/٧٧] في آيٍ ذوات (١) عدد في القرآن.
وَمَنْ أبْطَلَ الدعاء (٢)، فَقَدْ أنْكَر القُرآنَ، وَرَدَّهُ. وَلَا خَفَاءَ بِفسَادِ قَوْلهِ، وَسُقُوطِ مَذْهَبِهِ.
فَإنْ قِيْلَ: فَإذَا كَانَ الأمْر على مَا ذَكَرتمُوهُ مِنْ أن الدعاء: لَا يَدْفَعُ ضَررًَا، وَلَا يَجْلِبُ نَفْعًَا، لَمْ يَكُنْ جَرَى بِهِ القَضَاءُ، فَمَا فَائِدَتُهُ؟ وَمَا مَعْنى الاشْتِغَالِ بهِ؟ فَالجَوَابُ: إن هَذَا مِنْ جُمْلَةِ البَاب الذِي وَقَع التعَبُّدُ فِيْهِ بِظَاهِر مِنَ العِلْم، يَجْرِي مَجْرَى الأمَارَةِ المُبَشِّرَةِ، أوِ المُنْذرَةِ، دون العِلة الموجبة، وَذلِك -والله أعْلَمُ- لِتَكُوْنَ المُعَامَلَةُ فِيهِ عَلَى مَعْنَى الترَجي، والتعَلُّقِ بالطمَعِ البَاعِثين عَلَى الطلَبِ دون اليَقين الذي يَقَعُ مَعَهُ طُمَأنِيْنَةُ النفْسِ، فَيُقْضَى بِصَاحِبِهِ إلَى ترك العَمَلِ والإخْلَاد (٣) إلَى دَعَةِ العُطْلَةِ. فَإن العَمَلَ (٤) الدائرَ بَينَ الظفَرِ، بالمَطْلُوبِ (٥) وبْينَ مَخَافَةِ فَوتهِ، يُحرك عَلَى السعي لَهُ، وَالدأبِ فِيْهِ، وَاليَقينُ يُسْكِنُ (٦) النفْسَ، [وُيرِيْحُهَا] (٧)، كَمَا اليَأسُ [يُبَلِّدُهَا وَيُطْفِئُهَا] (٧)، وَقَدْ قَضَى اللهُ -سُبْحَانَهُ- أنْ يَكُونَ العَبْدُ مُمتحَنًا، وَمُسْتَعْمَلًا، وَمُعَلَّقًَا بينَ الرجَاءِ، والخَوْفِ اللذَينِ هُمَا مَدْرَجَتَا
_________
(١) في (ظ): "ذات" وعلى حاشيتها وفي (م): "ذوات".
(٢) في (م): "فمن إبطال الدعاء".
(٣) في (ظ): "الإخلا" وصوابه من (م).
(٤) في (ظ): "الأمر".
(٥) في (ظ): "والمطلوب".
(٦) في (ظ): "تسكين".
(٧) في (م) "يربحها" و"ببلهما وبطفئها".
1 / 9