غياب علاقات التفاعل مع العالم الخارجي المتقدم، وهي آلية الاطلاع على الجديد والمساهمة في الإنجاز والمشاركة العضوية والتطوير لنوعية المنتج وتطوير الفكر.
غياب التعاون العلمي بين البلدان العربية على الرغم من إدراك المسئولين لأهمية هذا التعاون، وسبق انعقاد مؤتمر في الرباط العام 1976م برعاية ألكسو، وقرر المسئولون اعتماد 500 مليون دولار لأغراض البحث والتعاون ولكن لم يتحقق شيء.
غياب الإحصائيات الموثقة عما يمكن أن نسميه النشاط العلمي العربي .. بل وغياب الإحصائيات الموثقة عن الأنشطة الاجتماعية، وغياب حق الحصول على المعلومات إن وجدت، بينما هي قاعدة البحث العلمي الجاد وأساس لتحديد صورة الواقع ورسم صورة المستقبل.
ارتفاع نسبة الأمية الأبجدية في عديد من المجتمعات العربية وشيوع الأمية الثقافية العلمية والأمية الحاسوبية، وهو ما يعني غياب المواطن، القيمة والدور والفعل، وغياب الثقافة التي تؤهله ليكون فاعلا ومشاركا إيجابيا بفضل الثقافة العلمية؛ أي بفضل الفهم العلمي لقضايا الإنسان، المجتمع، الطبيعة والكون من حولنا، وكما يقول «جيمس تريقيل»: «تعليم العلم يهدف إلى تحسين الرصيد القومي من المواطنين ذوي الكفاءة والأهلية لممارسة الديمقراطية، ومناقشة القضايا القومية، تأسيسا على فهم علمي للقضايا والعلم من حولنا. الديمقراطية لا تستقيم في مجتمع تسوده أمية علمية، بينما نواجه قضايا قومية وعالمية تكتسب، أكثر فأكثر، أبعادا علمية وتقنية ..» والسؤال: كيف نخلق مواطنين قادرين على ممارسة حقهم الديمقراطي بكفاءة، والمشاركة الإيجابية الواعية بفضل الثقافة العلمية؟
وحري بنا أن ندرك أن ثقافة العلم لا تنشأ ولا تسود لتمثل مناخا عاما إلا في مجتمع منتج للعلم، هو وطن للعلم؛ ومن ثم تكون ثقافة العلم عامل دعم وحفز نحو المزيد .. المزيد من الإنجاز، والمزيد من الاستمتاع بالحياة، من حيث الفهم لظواهر الحياة، والفهم لقواعد إدارة الحياة.
الأيديولوجيا والتاريخ البديل
نحن فقهاء عصرنا ..
اختلطت الأسطورة بالتاريخ، وصبغت الأيديولوجيا نسيج الحقيقة بلونها، وانتفت الموضوعية والشفافية. ويرى جمهرة الباحثين ما تؤكده سوسيولوجيا المعرفة، وما يؤكده مبحث السيميوطيقا من أن التاريخ نسيج جامع في خيوطه المتشابكة ما بين الذاتي والموضوعي، وأن التدوين التاريخي لذلك يقترب ويبتعد بدرجات متفاوتة عما يمكن إثباته تحت اسم «الحقيقة الموضوعية».
الأيديولوجيا من حيث هي منظومة رمزية تحدد للباحث ما الذي يغفله وما الذي يدركه، وكيف يفهمه ويصوغه في لغة .. الأيديولوجيا هي البارادايم أو النموذج الإرشادي أو الإطار الفكري الذي يصوغ الرؤى الممكنة عن النظام الاجتماعي في خطاب متسق مع نفسه ومفهوم لأصحابه صياغة هادفة .. يرى المرء من خلالها أهدافه/توقعاته/آماله/أفعاله .. ثم ينفثها أو يغرسها في رأس الآخر الخصم ليتبناها وليتوحد معه فكرا، منسلخا عن ذاته، ويبقى أسير وعي جديد مفروض عليه قسرا من طرف له الهيمنة .. والبشر كائنات مستخدمة للرمز/اللغة.
واللغة ليست شفافة؛ فاللغة قناع بقدر ما هي أداة توصيل؛ ولهذا فإن خبرتنا بالواقع والحقيقة الواقعية «الحدث التاريخي» تتم صياغتها بناء على معنى الأشياء عند المرء، ويتم تأطيرها على أساس المعتقدات والمثل العليا والعواطف المشتركة ضمن الوعاء الرمزي الذي نسميه اللغة.
Bog aan la aqoon