الرابعة فيملك مصر، فجرى الأمر كما ذكر. فقلت له: يا سيدي، من أين لك هذا؟ فقال: والله يا ولدي، ما أعلم الغيب، وإنما لي عادة أن أرى رسول الله ﷺ، أراه في بعض الجمع، فيخبرني، قلت: لعله أراد في المنام.
وسمعت خادم الشيخ عثمان بن مرزوق، وكان يعرف بسيف السنة، وعليه آثار الصلاح، وقال له زين الدين بن نجا: أتعرف الأبيات التي أنشدت تلك الليلة بحضرة الشيخ عثمان بن مرزوق، فسمع وبكى؟ قال: نعم، قال: قلها، فقال:
فديت من واصلني ... محتفيًا في وصله
كنا على وعد فما ... كدره بمطله
وعاد عندي كله ... مشتغلًا بكله
ما خلت أن يصلح مث ... لي في الهوى لمثله
وإنما جاد عل ... ي منعمًا بفضله
ولم أكن أهلًا له ... لكنه من أهله ٣٥ (١)
عليّ بن إبراهيم بن نجا بن غنائم الأنصاري الدمشقي زين الدين أبو الحسن المعروف بابن نجية: ولد سنة عشر (وخمسمائة) وسمع بدمشق من أبي الحسن عليّ بن أحمد بن قيس، وسمع درس خاله شرف الإسلام عبد الوهاب، وتفقه به وسمع التفسير منه، وأحب الوعظ وغلب عليه فاشتغل به.
قال لي: حفظني خالي مجلس وعظ، وعمري يومئذ عشر سنين، ثم نصب لي كرسيًا في داره، وأحضر لي جماعته، وقال: تكلم، فتكلمت، فبكى. قال: وكان ذلك المجلس يذكر بعضه وهو ابن تسعين، وكان بطيء النسيان. وكان أسماء الفصول الذي يحفظ مجلدة. وكان لا يخطب في مجلسه وإنما يدعو عقيب القراء، ثم يقرأ مقرئ آيات من القرآن فيفسرها، ويوسع في ذكره، ثم يذكر فصولًا وعنده